حيث دليل الخطاب ، وذلك متروك لدليل غيره ، ودليل الخطاب عند المحققين من أصحابنا ، غير معمول به ، ومن عمل به ، يقول إنما أخرجنا من ذلك قتله بها مع الشرط الذي ذكرناه ، بدليل.
قال شيخنا أبو جعفر في نهايته : العمد المحض ، هو كل من قتل غيره وكان بالغا كامل العقل ، بأي شيء كان ، بحديد ، أو خشب ، أو حجر ، أو سم ، أو خنق ، وما أشبه ذلك ، إذا كان قاصدا بذلك القتل ، ويكون فعله مما قد جرت العادة بحصول الموت عنده ، حرا كان أو عبدا ، مسلما كان أو كافرا ، ذكرا كان أو أنثى ويجب فيه القود أو الدية على ما نبينه فيما بعد (١).
قوله رحمهالله أو الدية ليس الولي بالخيار بين القود وأخذ الدية ، وانما مراده مع تراضى القاتل وولى المقتول ، لا انّه إذا أبى واحد منهما اجبر عليه.
ثمّ قال رحمهالله ومتى كان القاتل غير بالغ وحده عشر سنين فصاعدا ، أو يكون مع بلوغه زائل العقل ، اما ان يكون مجنونا ، أو مؤوفا ، فان قتلهما وان كان عمدا ، فحكمه حكم الخطأ المحض.
قوله رحمهالله ومتى كان القاتل غير بالغ ، وحده عشر سنين. رواية (٢) شاذة ، لا يلتفت إليها ، ولا يعرج عليها ، لأنها مخالفة لأصول مذهبنا ، ولظاهر القرآن ، والسّنة ، لقوله عليهالسلام رفع القلم عن ثلاثة ، عن الصبي حتى يحتلم ، ومن بلغ عشر سنين من الصبيان الذكران ، ما احتلم ، فمن استقاد منه ، وقتله بمن قتله ، فما رفع القلم عنه.
وشيخنا أبو جعفر فقد رجع عن ذلك في مبسوطة (٣) ، ومسائل خلافه (٤).
وقاتل العمد المحض ، لا يجوز ان يستقاد منه الّا بالحديد ، وان كان هو قد قتل
__________________
(١) النهاية كتاب الديات ، باب أقسام القتل وما يجب فيه من القود والدية.
(٢) لا يوجد في المصادر الحديثية الّا الشيخ ( قده ) أورده في النهاية كتاب الديات ، باب أقسام القتل.
(٣) المبسوط ، ج ٧ ، فصل في صفة قتل العمد وجراح العمد ، ص ٥٠.
(٤) الخلاف ، كتاب الجنايات ، مسألة ٣٩.