وقال في مبسوطة ، واما الكلام في القصاص ، وهو إذا قتل عمدا محضا فإنه كالدية في الميراث يرثه من يرثها ، فالدية يرثها من يرث المال ، والقود يرثه من يرث الدية ، والمال معا ، هذا مذهب الأكثر ، وقال قوم يرثه العصبات من الرجال دون النساء ، وفيه خلاف ، والأقوى عندي الأول ، وان كان الثاني قد ذهب إليه جماعة من أصحابنا ، وذكرناه نحن في النهاية (١) ، ومختصر الفرائض (٢) ، فأما الزّوج والزّوجة ، فلا خلاف بين أصحابنا انه لا حظ لهما في القصاص ، ولهما نصيبهما من الميراث من الدية ، هذا أخر كلام شيخنا أبي جعفر في مبسوطة ، حرفا فحرفا (٣).
قال محمد بن إدريس الذي أعوّل عليه ، وافتى به ، القول الذي قوّاه شيخنا في مبسوطة ، دون ما ذكره في نهايته ، لانه موافق لأصول مذهبنا ، يعضده ظاهر القرآن ، من قوله تعالى « وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ » (٤) فلا نرجع عن كتاب الله تعالى باخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا ، وهي أيضا معارضة بأخبار مثلها ، والإجماع فغير منعقد على ما ذكره في نهايته ، فإذا لم يكن على المسألة إجماع ، فالتمسك فيها بكتاب الله تعالى هو الواجب.
وذهب شيخنا في الجزء الثالث من الإستبصار ، الى ان النساء لا عفو لهن ولا قصاص (٥).
وما ذكره في نهايته ومبسوطة هو الصحيح.
وإذا كان للمقتول أولياء صغار وأولياء كبار ، واختار الكبار الدية ، كان لهم حظهم منها ، فإذا بلغ الصغار كان لهم مطالبة القاتل بالقود ، بعد ان يردوا عليه ما اعطى الأولياء الكبار من الدية ، ولهم أيضا العفو عنه على كل حال.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته ، فإذا بلغ الصغار ، كان لهم مطالبة القاتل
__________________
(١) النهاية كتاب الديات باب أقسام القتل وما يجب فيه من القود والدية.
(٢) مختصر الفرائض المطبوع ضمن الرسائل العشر ص ٢٧٧.
(٣) المبسوط ، ج ٧ فصل في صفة قتل العمد وجراح العمد ، ص ٥٤.
(٤) سورة الأحزاب ، الآية ٦.
(٥) الإستبصار ، ج ٤ ، الباب ١٥٣ ، ص ٢٦٢.