توبته أيضا ، وكان تائبا.
وانما يلزم هذه الكفارة من عفا عنه ، أو صالحه الأولياء على الدية ، وامّا إذا قتل فلا كفارة عليه ، لان من جملتها الصوم ، فإذا قتل من يصوم عنه.
وتصح توبته سواء قتل مؤمنا متعمدا على إيمانه ، أو الأمور الدنياوية على الصحيح من أقوال أصحابنا ، وهو اختيار شيخنا أبي جعفر في مبسوطة (١) ، وهو الذي يقتضيه أصول مذهبنا ، لأن التوبة موقوفة على الجسد ما دامت الحياة والعقل فيه ، وقوله تعالى « إِلّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً » (٢) الآية وقوله ـ يغفر الذنوب جميعا ـ (٣) وقوله « غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ » (٤).
فاما قوله تعالى ـ ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها ) ـ (٥) فليس في ظاهرها انه تاب ، ويمكن العمل بها إذا لم يتب.
وقد ذهب بعض أصحابنا إلى انه لا تقبل توبته ، ولا يختار التوبة ، ولا يوفق للتوبة ، معتمدا على اخبار آحاد (٦) ، والإجماع فغير منعقد ، حتى يرجع في هذه المسألة اليه ، ويعوّل عليه.
ولا كفارة إلّا في قتل نفس المسلم ، أو من في حكمه.
ولا كفارة على قاتل اليهودي والنصراني ، ومن لا يقرّ بالشهادتين.
ولا كفارة على المجنون والصبي إذا كانا قاتلين ، لأنهما غير مكلّفين ، والخطاب من الحكيم يتناول المكلفين البالغين العاقلين.
فأما دية قتل الخطأ فإنها تلزم العاقلة ، وهي تلزم العصبات من الرجال ، سواء كان وارثا أو غير وارث ، الأقرب فالأقرب ، ويدخل فيها الولد والوالد.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته ، فأما دية قتل الخطأ ، فإنها تلزم العاقلة الذين يرثون دية القاتل ، ان لو قتل ، ولا يلزم من لا يرث من ديته شيئا على حال (٧).
__________________
(١) المبسوط ، ج ٧ ، كتاب الجراح ، ص ٤.
(٢) سورة هود ، الآية ١١٢.
(٣) سورة الزمر ، الآية ٥٣.
(٤) سورة الغافر ، الآية ٣.
(٥) سورة النساء ، الآية ٩٣.
(٦) الوسائل ، الباب ٩ من أبواب القصاص في النفس ، ح ١ ـ ٥.
(٧) النهاية كتاب الديات باب أقسام القتل وما يجب فيه من القود والدية.