والمستحق للدية ، يقال عقل يعقل عقلا ، فهو عاقل ، وجمع العاقل عاقلة ، وجمع العاقلة عواقل ، والمعاقل جمع الديات ، وايّ هذه المعاني كان فلا يخرج ان معناه هو الذي يضمن الدية ، ويبذلها لولي المقتول.
واجمع المسلمون على ان العاقلة تحمل دية الخطأ المحض ، إلّا الأصمّ فإنه قال على القاتل ، وبه قالت الخوارج.
والعاقلة لا تعقل البهائم.
ولا تعقل الّا بنى أدم في قتل الخطأ المحض ، على ما قدمناه ، إذا قامت به البينة العدول ، ولا يعقل إقرارا ولا صلحا.
وإذا حال الحول على موسر من أهل العقل ، توجهت المطالبة عليه ، فان مات بعد هذا لم يسقط بوفاته ، بل يتعلق بتركته كالدين.
الدية الناقصة ، مثل دية المرأة ، ودية اليهودي والنصراني ، والمجوسي ، ودية الجنين ، تلزم أيضا في ثلاث سنين ، كل سنة ثلثها.
والقدر الذي تحمله العاقلة عن الجاني ، هو قدر جنايته ، قليلا كان أو كثيرا.
وذهب شيخنا أبو جعفر في نهايته ، إلى انها لا تحمل ما دون الموضحة (١).
الا انه رجع في مسائل خلافه ، فقال مسألة : القدر الذي تحمله العاقلة عن الجاني ، هو قدر جنايته ، قليلا كان أو كثيرا ، ثم قال وروى (٢) في بعض أخبارنا انها لا تحمل إلا نصف العشر (٣) أرش الموضحة فما فوقها ، وما نقص عنه ففي مال الجاني ، ثم قال دليلنا عموم الأخبار التي وردت في ان الدية على العاقلة ، ولم يفصلوا (٤).
قال محمّد بن إدريس ، ما قاله وذهب إليه في مسائل خلافه ، هو الحق اليقين ، والإجماع منعقد عليه ، ولا يرجع عن ذلك الى رواية شاذة لا توجب علما ولا عملا.
__________________
(١) النهاية كتاب الديات باب أقسام القتل وما يجب فيه من القود والدية.
(٢) الوسائل ، الباب ٥ من أبواب العاقلة ، الحديث ١.
(٣) وفي المصدر ، الا نصف العشر الموضحة.
(٤) الخلاف ، كتاب الديات ، مسألة ١٠٦.