وعلى قاتل الخطأ المحض والخطأ شبيه العمد ، بعد إعطاء الدّية الكفارة ، وهي عتق رقبة مؤمنة ، فان لم يجد كان عليه صيام شهرين متتابعين ، فان لم يستطع اطعم ستين مسكينا ، لأنّها مرتبة ، وقد ذكرناها فيما تقدم (١) ، فان لم يقدر على ذلك أيضا ، تصدق بما استطاع ، أو صام ما قدر عليه.
وقال شيخنا في نهايته ، ومن قتل عمدا ، وليس له ولي ، كان الامام ولي دمه ، ان شاء قتل قاتله ، وان شاء أخذ الدية وتركها في بيت المال ، وليس له ان يعفو ، لان ديته لبيت المال ، كما ان جنايته على بيت المال (٢).
قال محمّد بن إدريس ، هذا غير صحيح ولا مستقيم ، بل الامام ولي المقتول المذكور ، ان شاء قتل ، وان شاء عفا ، فإن رضي هو والقاتل واصطلحا على الدية ، فإنها تكون له ، دون بيت مال المسلمين ، لأن الدية عندنا يرثها من يرث المال والتركة ، سوى كلالة الأم ، فإن كلالة الأم لا ترث الدية ولا القصاص ولا القود ، بغير خلاف ، وتركته لو مات كانت لإمام المسلمين ، بغير خلاف بيننا ، ولان جنايته على الإمام ، لأنه عاقلته.
وشيخنا رجع في غير نهايته من كتبه عن هذه الرواية الشاذة ، ان كانت رويت ، فقد أوردها في نهايته إيرادا لا اعتقادا ، فان روى ذلك ، فقد ورد للتقية ، لأنه مذهب بعض المخالفين.
ومن قتل خطأ أو شبيه عمد ، ولم يكن له أحد ، كان للإمام ان يأخذ ديته ، ليس له أكثر من ذلك.
ومن عفا عن القتل فليس له بعد ذلك المطالبة به ، فان قتل بعد ذلك القاتل ، كان ظالما متعديا ، وقيد بالقاتل.
ومن قبل الدية ، ثم قتل القاتل ، كان كذلك ، وكان عليه القود.
وإذا قتل الأب ولده خطأ كانت ديته على عاقلته ، يأخذها منهم الورثة الذين
__________________
(١) في ص ٦٩.
(٢) النهاية كتاب الديات باب أقسام القتل وما يجب فيه من القود والدية.