والرأس أيضا.
فإن رمت الدابة بالراكب ، لم يكن على الذي آجرها شيء سواء كان معها أو لم يكن ، الّا ان يكون نفر بها ، فان نفر بها ، كان ضامنا لما يكون منها ، من جناية.
وحكم الدابة في جميع ما قلناه ، حكم سائر ما يركب من البغال ، والحمير ، والجمال ، على حد واحد ، لا يختلف الحكم فيه.
ومن حمل على رأسه متاعا ، بأجرة فكسّره ، وأصاب إنسانا به ، كان عليه ضمانه اجمع ، اللهم الا ان يكون إنسان أخر دفعه ، فيكون حينئذ ضمان ذلك عليه.
ومن قتل مجنونا عمدا فان كان اراده فدفعه عن نفسه ، فادّى ذلك الى قتله ، لم يكن عليه شيء ، لأنه محسن بفعله على ما قلناه فيما مضى ، وحررناه ، وكان دمه هدرا ، فان لم يكن المجنون اراده ، فقتله عمدا كان عليه ديته ، ولم يكن عليه قود ، لانه لا يقاد الكامل بالناقص ، وان كان قتله له خطأ كانت الدية على عاقلته.
وإذا قتل المجنون غيره ، كان عمده وخطأه واحدا ، تجب فيه الدية على عاقلته ، فان لم يكن له عاقلة ، كانت عاقلته الامام عليهالسلام دون بيت المال ، لان ميراثه له ، اللهم الّا ان يكون المجنون ، قتل من اراده ، فيكون حينئذ دم المقتول هدرا.
ومن قتل غيره وهو صحيح العقل ، ثم اختلط وصار مجنونا قتل بمن قتله ، ولا تكون فيه الدية.
وقد روى ان من قتل غيره ، وهو أعمى ، فإن عمدة وخطأه سواء ، وان فيه الدية على عاقلته (١).
والذي يقتضيه أصول المذهب ان عمد الأعمى عمد ، يجب فيه عليه القود ، لقوله تعالى « النَّفْسَ بِالنَّفْسِ » (٢) وقوله تعالى « وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ » (٣) فإذا لم يقتل الأعمى بمن قتله عمدا ، خرجت فائدة الآية ، فلا يرجع عن الأدلة القاهرة برواية شاذة وخبر واحد ، لا يوجب علما ولا عملا.
__________________
(١) أوردها الشيخ قدسسره في النهاية ، كتاب الديات ، باب ضمان النفوس.
(٢) سورة المائدة ، الآية ٤٥.
(٣) سورة البقرة ، الآية ١٧٩.