ومن قتل صبيّا متعمدا والصبي غير بالغ ، قتل به ، ووجب عليه القود ، على الأظهر من أقوال أصحابنا ولقوله تعالى « النَّفْسَ بِالنَّفْسِ » وليس هذا كمن قتل مجنونا عمدا ، لأن الإجماع منعقد ، على انه لا قود على قاتل المجنون ، وليس معنا إجماع منعقد ، على انه ليس على قاتل الصبيّ غير البالغ قود ، وأيضا القياس عندنا باطل.
فان قتله خطأ كانت الدية على عاقلته.
وإذا قتل الصبي رجلا متعمدا كان عمده وخطأه واحدا سواء كان له دون عشر سنين ، أو أكثر من عشر سنين على الصحيح من الأقوال ، وما يقتضيه الأدلة القاهرة ، فإنه يجب فيه الدية على عاقلته.
وقال شيخنا في نهايته ، الى ان يبلغ عشر سنين ، أو خمسة أشبار ، فإذا بلغ ذلك ، اقتص منه ، وأقيمت عليه الحدود التامة (١).
وهذا القول غير مستقيم ولا واضح ، لانه مخالف للأدلّة العقلية ، والسمعية ، ولا يلتفت الى رواية شاذة ، وخبر واحد ، لا يوجب علما ولا عملا ، وان كان شيخنا أورد الرّواية في نهايته ، فإنه أوردها إيرادا لا اعتقادا ، كما أورد نظائرها مما لا يعمل عليه ، ولا يفتي به ولا يعرج عليه.
ورجع أيضا عن ذلك ، في مسائل خلافه ومبسوطة (٢) على ما قدمناه فيما مضى وحكيناه (٣) فإنه قال ، في الجزء الثالث من مسائل خلافه : مسألة روى أصحابنا إن عمد الصبي والمجنون ، وخطأهما سواء.
فعلى هذا يسقط القود عنهما ، والدية على العاقلة مخففة.
ثم استدل ، فقال ، دليلنا إجماع الفرقة ، واخبارهم ولأن الأصل براءة الذمة ، وما ذكرناه مجمع على وجوبه ، وروى عن النبيّ ( صلىاللهعليهوآله ) انه قال رفع القلم عن ثلاث أحدهم عن الصبيّ حتى يبلغ ، هذا أخر استدلاله رحمهالله وأخر مسألته (٤).
__________________
(١) النهاية ، كتاب الديات ، باب ضمان النفوس.
(٢) المبسوط ، ج ٧ ، كتاب الجراح ، ص ١٥.
(٣) ص ٣٢٥.
(٤) الخلاف كتاب الجنايات ، مسألة ٣٩.