فاما الكلام في صفاته ، فصفاته ضربان ، صفات ذات ، وصفات فعل ، فصفات ذاته ، مثل قوله « وعظمة الله ، وجلال الله ، وقدرة الله ، وعلم الله ، وكبرياء الله ، وعزّة الله » فإنّه ان قصد به المعنى الّذي يكون به عالما ، وقادرا على ما يذهب إليه الأشعري ، لم يكن يمينا بالله ، وان قصد به كونه عالما وقادرا. كان يمينا ، فان ذلك قد يعبّر به عن كونه عالما وقادرا.
إذا قال لعمر الله ، روى (١) أصحابنا انه يكون يمينا.
فعلى هذا لا يمين منعقدة بشيء من المخلوقات والمحدثات ، وكل مقسوم به ما عداه تعالى ، وأسماؤه الحسنى ، وصفات ذاته على المعنى الذي حرّرناه وشرحناه ، فمن حلف بغير ذلك لا تنعقد يمينه ، وكان مخطئا ، مثل قوله « وحق الله ، والقرآن ، والمصحف ، والكعبة ، وأنبياء الله ، وأئمته عليهمالسلام » كل ذلك لا ينعقد به اليمين ، لأنّ الحالف بغير الله تعالى ، عاص بمخالفة المشروع من كيفية اليمين ، وإذا كان انعقاد اليمين ولزوم الكفّارة بالحنث حكما شرعيا ، لم يثبت بالمعصية ، وأيضا الأصل براءة الذمة ، وشغلها يحتاج الى دليل.
واليمين المنعقدة الموجبة للكفّارة بالحنث ، هي ان يحلف العاقل المالك لاختياره ، ان لا يفعل في المستقبل قبيحا أو مباحا لا ضرر عليه في تركه ، أو ان يفعل طاعة أو مباحا لا يترجح فعله على تركه ، مع عقد اليمين بالنيّة ، وإطلاقها من الاشتراط بالمشيّة ، فيخالف ما عقد اليمين عليه ، مع العمد والاختيار ، لانه لا خلاف في انعقاد اليمين في الموضع الذي ذكرناه ، وليس على انعقادها فيما سواه دليل.
ويختصّ النية قوله تعالى « لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ » (٢) وعقد اليمين لا يكون إلّا بالنيّة.
ويحتج على المخالف في سقوط الكفارة بالسّهو والإكراه ، بقوله عليهالسلام « رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه » (٣) واليمين الّتي لا تنعقد ، ولا
__________________
(١) الوسائل ، الباب ٣٠ من أبواب الايمان الحديث ٤.
(٢) سورة البقرة : الآية ٢٢٥.
(٣) الوسائل ، الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس لكن ما في الباب من الاخبار رفع عن أمتي تسعة أشياء الخطاء والنسيان وما أكرهوا عليه إلخ. أو قريب من هذه العبارة امّا في كتب العامة ففي سنن