سواء ، فلا ضمان عليه ، لانه لم يتعد واجبا بذلك ، هذا آخر كلامه (١) بعينه.
ولا خلاف بين المسلمين في إباحة نصب الميازيب وجعلها ، لم ينكر أحد منهم ذلك بحال.
ومن أحرق دار قوم ، فهلك فيها أنفس ، وأموال ، كان عليه القود ، لمن قتل ، وغرم ما أهلكه بالإحراق من الأموال ، هذا إذا تعمد قتل الأنفس.
فاما إذا لم يتعمد قتل الأنفس ، لكن تعمّد إحراق الأموال والدار فحسب ، فإنه يجب عليه ضمان الأموال ، فامّا الأنفس فدياتها على عاقلته ، لانه غير عامد الى القتل ، لا بالفعل ، ولا بالقصد ، فهو خطأ محض ، لانه غير عامد في فعله الى القتل ، ولا عامد في قصده الى تناول النفس المقتولة وتلفها.
وذكر شيخنا في نهايته ، ان عليه ضمان ما أتلف من الأنفس ، وبعد ذلك عليه القتل (٢).
وهذا غير واضح ، لأنه ان كان قتل العمد ، فليس عليه الّا القود ، فحسب ، وان كان قتل شبيه العمد ، أو الخطأ المحض ، فلا يجب عليه القود بحال ، فليلحظ ذلك ، فان لم يتعمد الإحراق ، لكنه أضرم نارا لحاجته فتعدّت النار ، باتصال مال غيره من الأحطاب إلى إحراق الدّار ، ومن فيها ، كانت دية الأنفس على العاقلة ، وغرم ما هلك بالنار ، من الأموال عليه ، في ماله ، ولا يجب عليه القود ، لان هذا غير قاصد الى القتل ، بل هذا خطأ محض ، لانه غير عامد في فعله بالجناية على الأنفس ، وغير عامد في قصده بإتلاف الأنفس ، وتناولها ، فليلحظ ذلك ، فانّ ما عداه اخبار آحاد ، أوردوها ووضعوها في كتبهم إيرادا ، لا اعتقادا للعمل بها.
فان كان اضرامه النّار ، في مكان له التصرف فيه بحق ملك أو إجارة على وجه لا يتعدى ، بان لا يتصل بالأملاك ولا بأحطاب الغير ، وكان ذلك على وجه معتاد ، فحملتها الريح إلى ملك قوم ، فاصابتهم معرّتها فلا ضمان عليه.
والبعير إذا اغتلم ، وجب على صاحبه حفظه وحبسه ، وان لم يفعل ذلك ، أو فرط
__________________
(١) المقنعة ، باب ضمان النفوس ص ٧٤٩.
(٢) النهاية ، كتاب الديات ، باب ضمان النفوس.