أو برئت من الإسلام ، أو من الله ، أو من القرآن لا فعلت كذا ، ففعل لم يكن يمينا ، ولا المخالفة حنث ، ولا يجب به كفارة ، ثمّ قال : دليلنا إجماع الفرقة واخبارهم ، وأيضا الأصل براءة الذّمة وتعليق الكفارة عليها يحتاج الى دليل (١).
وما ذكره في مبسوطة ومسائل خلافه ، هو الّذي يقوى في نفسي ، واليه اذهب ، وبه افتى ، لأنّا قد بيّنا انه لا يمين الّا بالله تعالى ، وبأسمائه وبصفاته ، وهذا ليس كذلك ، وأيضا الأصل براءة الذّمة ، وشغلها بالكفارة والانعقاد يحتاج الى دليل ، وأيضا انعقاد اليمين حكم شرعي ، يحتاج في ثبوته الى دليل شرعي ، ولا يرجع في ذلك الى اخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا ، والإجماع فغير منعقد عليه ، وكتاب الله تعالى خال من ذلك.
وقول الرجل « يا هناه ، ولا بل شانئك » من قول أهل الجاهلية ، لا ينعقد بذلك يمين.
قال محمد بن إدريس رحمهالله معنى « لا بل شانئك » اى لا أب لشانئك. فاختصروا ذلك على عادتهم في الاختصار والحذف ، فقالوا « لا بل شانيك ».
قال ابن درستويه النحوي : قد يلهج بالكلمة الشّاذة عن القياس ، البعيدة من الصواب ، حتّى لا يتكلموا بغيرها ، ويدعوا القياس المطرد المختار ، ولا يجب ان يقال مع ذلك هذا أفصح من المتروك ، من ذلك « أيش صنعت » يريدون « أيّ شيء صنعت » و « لا بل شانئك » اى لا أب لشانئك ، و « لا تبك » اى لا تباك ، هذا آخر كلام ابن درستويه.
فدل ذلك على ما قلناه في « لا بل شانئك » وما حدانا على تحقيق هذا الّا إيراد شيخنا أبي جعفر ذلك في نهايته (٢) ، مطلقا من غير بيان له.
وإذا قال الإنسان أقسمت ، أو حلفت ، لم يكن ذلك يمينا ، حتى يقول حلفت بالله ، أقسمت بالله.
وسائر أصناف الكفّار ، لا يحلفون الّا بالله تعالى ، وبأسمائه ، فإن علم الامام
__________________
(١) الخلاف ، كتاب الايمان ، مسألة ٤.
(٢) النهاية ، كتاب الايمان والنذور ..