بالخيار ، بين ان يصدّقه ويكذّب نفسه ، ويردّ الدية ، ويستوفى منه حقه ، وبين ان يكذب المقر ، ويثبت على ما هو عليه.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه مسألة إذا كان الرجل متلفّفا في كساء ، أو في ثوب ، فشهد شاهدان ، على رجل انه ضربه فقدّه باثنين ، ولم تشهد (١) الجناية غير الضرب ، واختلف الولي والجاني ، فقال الولي ، كان حيّا حين الضرب ، وقد قتله الجاني ، وقال الجاني ، ما كان حيا حين الضرب ، كان القول ، قول الجاني ، مع يمينه (٢) ، واستدّل بما يربأ (٣) الإنسان بذكره عنه.
والذي يعول عليه ، ويعمل به ، ويسكن اليه ، قبول قول الشّاهدين وقول الولي مع يمينه ، ولا يلتفت الى إنكار الجاني الحياة ، لأنه مدّع للموت بغير جناية ، والأصل الحياة ، وشهادة العدلين بالجناية ، وانما كان الإنسان يفزع الى دليل براءة الذمة ، وشغلها يحتاج الى دليل ، قبل قيام الدليل بشغلها ، وانما هذا مذهب أبي حنيفة ، لا مذهب جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام ، اختاره شيخنا هاهنا الا تراه ، ما استدلّ بإجماع الفرقة ، ولا بأخبارنا ، فلا حاجة بنا الى القول بمذهب أبي حنيفة ، وتصحيحه.
باب القصاص وديات الشجاج والجراح
من قطع شيئا من جوارح الإنسان ، وجب ان يقتص منه ، ان أراد ذلك ، وكان مكافئا له في الإسلام ، والحرّيّة وسلامة العضو المجني عليه ، وان جرحه جراحة ، فمثل ذلك ، الا ان يكون جراحة يخاف في القصاص منها على هلاك النفس ، فإنه لا يحكم فيها بالقصاص ، وانما يحكم فيها بالأرش ، وذلك مثل المأمومة ، والجائفة ، وما أشبه ذلك ، وكسر الأعضاء التي ، يرجى انصلاحها ، بالعلاج ، فلا قصاص أيضا فيها بل يراعى حتى ينجبر الموضع ، اما مستقيما ، أو على عثم ـ بالعين غير المعجمة والثاء المنقطة من فوقها ثلاث نقط وهو الفساد والعيب ـ فيحكم حينئذ بالأرش ،
__________________
(١) ج. ل. ولم يشهد الجناية.
(٢) لم نتحقق هذه المسألة في كتاب الخلاف.
(٣) ج. ببراءة ذمة الإنسان.