وان جرحت المرأة الرجل ، وأراد أن يقتص منها لم يكن له عليها ، أكثر من جراحة مثلها ، أو المطالبة بالأرش على التمام من ديته ، مع تراضيهما لذلك ، والّا فلا يستحق عليها سوى القصاص.
ومن لطم إنسانا على وجهه ونزل الماء في عينيه ، وعيناه صحيحتان ، وأراد القصاص ، فإنه تؤخذ مرآة ـ بكسر الميم وسكون الراء ومدّ الألف ـ محماة بالنار ، ولا يجوز أن يقال محميّة على ما وضعه شيخنا أبو جعفر في نهايته (١) ، لانه يقال أحميت الحديدة في النّار ، فهي محماة ، فلا يقال حميتها ، فهي محميّة ، ويؤخذ كرسف ، مبلول ، وهو القطن ، فيجعل على أشفار عينيه على جوانبها ، لئلا تحترق اشفاره ، ثم يستقبل عين الشمس بعينيه ، وتقرب منهما المرآة ، فإنه يذوب الناظر ويصير اعمى وتبقى العين ، ويقال الناظرة على ما وضعه شيخنا في نهايته (٢) فإنه قال ، وتذوب الناظرة وذلك صحيح ليس بخطإ.
ومن قطعت أصابعه فجاءه رجل فأطار كفه ، فأراد القصاص ، من قاطع الكف ، فروى انه يقطع يده من أصله ويردّ عليه دية الأصابع (٣).
أورد هذه الرواية شيخنا أبو جعفر في نهايته (٤) ، وهي مخالفة لأصول المذهب ، لانه لا خلاف بيننا إنه لا يقتص من العضو الكامل ، للناقص ، والأولى ، الحكومة في ذلك ، وترك القصاص ، وأخذ الأرش ، على الاعتبار الذي قدمناه فمن قيمته ان لو كان عبدا ثم يؤخذ من دية الحر ، بحساب ذلك.
ومن قتل إنسانا مقطوع اليد ، وأراد أولياؤه القود ، فان كانت يده قطعت في جناية جناها على نفسه ، أو قطعت فأخذ ديتها ، أو استحقها (٥) قتلوا قاتله ، بعد ان يردوا إلى أوليائه دية اليد ، فان كانت يده قطعت في غير جناية ولم يأخذ ديتها ، وكان ذلك من قبل الله تعالى ، قتلوا قاتله ، وليس عليهم شيء.
ومن شجّ غيره موضحة أو غيرها من الجراح ، فعفى صاحبها عن قصاصها أو
__________________
(١) و (٢) و (٤) النهاية ، كتاب الديات ، احكام الشجاج ، والعبارة هكذا يؤخذ مرآة محميّة.
(٣) الوسائل ، الباب ١٠ ، من أبواب قصاص الطرف ، ح ١.
(٥) ل. أو استحقها ولم يأخذ ديتها.