اخترناه الان في مسائل خلافه (١) ، وهو الصحيح ، لان تداخل الديات إذا لم يمت المجني عليه يحتاج الى دليل.
القصاص فيما دون النفس شيئان ، جرح يشق ، وعضو يقطع ، فاما العضو الذي يقطع ، فكل عضو ينتهي إلى مفصل ، كاليد والرجل ، ففي كلها القصاص ، لان لها حدا ينتهى اليه ، وانما يجب القصاص فيها بثلاثة شروط ، التساوي في الحرية ، أو يكون المجني عليه أكمل ، والثاني الاشتراك في الاسم الخاص ، يمين بيمين ، ويسار بيسار ، فإنه لا تقطع يمين بيسار ، ولا يسار بيمين ، والثالث السّلامة ، فإنا لا نقطع اليد الصحيحة باليد الشّلاء.
فاما غير الأطراف من الجراح (٢) التي فيها القصاص ، وهو ما كان في الرأس والوجه ، لا غير ، فان القصاص يجب فيها بشرط واحد ، وهو التكافؤ في الحرية ، أو يكون المجني عليه أكمل.
وأما التّساوي في الاسم الخاص ، فهذا لا يوجد في الرأس ، لأنه ليس له رأسان ، ولا السّلامة من الشلل ، فان الشلل لا يكون في الرأس.
والقصاص في الأطراف والجراح في باب الوجوب سواء ، وانما يختلفان من وجه آخر ، وهو انا لا نعتبر المماثلة في الأطراف بالقدر من حيث الكبر والصغر ، ونعتبره في الجراح بالمساحة ، والفصل بينهما انا لو اعتبرنا المماثلة في الأطراف في القدر والمساحة ، أفضى إلى سقوط القصاص فيها ، لانه لا يكاد يدان يتفقان في القدر ، وليس كذلك الجراح ، لانه يعرف عرضه وطوله وعمقه ، فيستوفيه بالمساحة ، فلهذا اعتبرناها بالمساحة ، فبان الفصل بينهما.
وجملته انا نعتبر في القصاص المماثلة ، وتنظر الى طول الشجّة وعرضها فامّا الأطراف فلا نعتبر فيها الكبر والصغر ، بل تؤخذ اليد الغليظة بالدقيقة ، والسمينة بالهزيلة ، ولا يعتبر المساحة لما تقدم ، وانما يعتبر الاسم مع السلامة ، ومع التكافؤ في الحرية ، قال الله تعالى« وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ
__________________
(١) الخلاف ، كتاب الديات ، مسألة ٢٠.
(٢) ج. الجوارح.