كفاية ومقنع وتنبيه لذوي الفهم والتأمل.
والقول في جراح البهائم وكسر أعضائها وقطع أطرافها ، انه يستحق صاحبها على الجاني من الأرش ما بين قيمتها صحيحة ومعيبة ، وليس له خيار في أخذ قيمته وتسليمه الى الجاني ، وان كانت الجناية تحيط بقيمته كما ذكرنا ذلك في إتلاف أطراف العبيد وأعضائهم.
وقول شيخنا في نهايته ، ان كان الحيوان مما يتملك ، ففيه أرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا ، وان كان مما لا يتملك ، فحكم جراحه وكسره حكم إتلاف نفسه (١).
المراد بذلك انّه ان كان الحيوان بيد مسلم ، وهو مما لا يجوز للمسلمين تملكه ، فحكم جراحه وكسره حكم إتلاف نفسه ، اى لا شيء على جارحه وكاسره ، كما لا شيء عليه في إتلاف نفسه ، لأنا قد بيّنا فيما مضى (٢) ان من أتلف على مسلم ما لا يحل للمسلمين تملكه من الخنازير وغيرها ، فلا شيء عليه ، فهذا مقصوده ومراده رضى الله عنه لانه لو أتلف ذلك على ذميّ ، وجب عليه قيمته عند مستحليه ، فان جرحه أو كسره ، وجب عليه من الأرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا ، فليلحظ ذلك ، فان فيه غموضا على وضع شيخنا في نهايته ، وإطلاق القول ، فإنه ما أشبع الكلام في هذا الباب ولا استوفاه ، وانما لوح تلويحا ببعض ما ذكره شيخنا المفيد في مقنعته (٣) ، فان شيخنا المفيد أشبع القول في ذلك واستوفاه ، وشيخنا في نهايته أخذه ليلخصه فعمّاه.
قال شيخنا المفيد والإتلاف لا نفس الحيوان على ضربين ، أحدهما يمنع من الانتفاع به بعده ، والثاني لا يمنع من ذلك ، فالضرب الذي يمنع من الانتفاع قتل ما يقع عليه الذكاة على غير وجه الذكاة ، كقتله بالحجارة والخشب ، وتقطيعه بالسيوف ، قبل تذكيته بالذبح ، أو النحر ، أو قتله بالماء ، أو إمساك النفس منه ، أو
__________________
(١) النهاية ، كتاب الديات ، باب الجنايات على الحيوان.
(٢) في ص ٤٢٠.
(٣) المقنعة ، باب الجنايات على الحيوان من البهائم وغيرها ، ص ٧٦٩ و ٧٧٠.