لأنه غير مفرط ، وإن كان التفريط منه ، بأن أرسلها نهارا ، وأوصله بالليل ، أو أطلفها ابتداء ليلا ، فأفسدت الزرع فعلى مالكها الضمان.
وكذلك إذا كان لإنسان كلب عقور ، فلم يحفظه ، فأتلف شيئا كان عليه ضمانه لأنه مفرط في حفظه.
وكذلك لو كانت له سنور معروفة بأكل الطيور وغير ذلك من أموال الناس ، فعليه حفظها ، فإن لم يفعل ، وأتلفت شيئا فعليه ضمانه.
فاما ان كان في دار رجل كلب عقور ، فدخل رجل داره بغير امره ، فعقره ، فلا ضمان عليه ، لان الرجل مفرّط في دخول داره بغير إذنه ، فاما ان دخلها باذنه فعقره الكلب ، فعليه ضمانه.
والبعير إذا صال ، وعلم به صاحبه ، فقتل أو كسر أو جرح ، كان صاحبه ضامنا لجنايته ، لانه يجب عليه حبسه ومنعه من الفساد.
وقد روي ان أمير المؤمنين عليهالسلام قضى في بعير كان بين أربعة شركاء ، فعقل أحدهم يده ، فتخطى إلى بئر ، فوقع فاندق ، انّ على الشركاء الثلاثة غرم الربع من قيمته لشريكهم (١) ، لانه حفظ حقه ، وضيعة عليه الباقون بترك اعقال حقوقهم ، وحفظه بذلك من الهلاك.
وقد قدّمنا انّ من أتلف على مسلم شيئا من الملاهي ، مثل العود ، والطنابير ، والدفوف والمزامير ، والطبول ، والمعازف ، والرباب ، وما أشبه ذلك ، لم يكن عليه شيء.
فان أتلف ذلك على ذمي في حرزه ، كان عليه ضمانه ، فإن أتلفه عليه وكان قد أظهره ، لم يكن عليه شيء على حال ، وهذا باب من عرف الحكم فيما ذكرناه منه على التفصيل أغناه عن تعداد ما في معناه ، واطالة الخطب فيه.
قال شيخنا في مبسوطة في الجزء السادس ، في كتاب الدفع عن النفس ، فإنه ذكر الوهق ، فقال من عصا أو وهق ، أو قوس ، أو سيف ، وغير ذلك (٢).
__________________
(١) الوسائل ، الباب ٣٩ ، من أبواب موجبات الضمان ، ح ١ ، الظاهر انها منقولة بالمعنى.
(٢) المبسوط ، لم نتحققه في مظانّه.