وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه لا حد عليه ، وهو قول الشافعي (١) اختاره ووافقه عليه بغير دليل ، لان هذه المسألة غير منصوصة لنا ، والأصول تقتضيه (٢) ان عليه الحد ، لانه زان بغير خلاف.
واحتج شيخنا بأن الأصل براءة الذمة (٣).
وانما يستقيم له هذا الاستدلال قبل ورود الشرع ، بان على الزاني الذي شهد عليه أربعة شهود بالزنا الحد ، فاما بعد ذلك فكيف يصح الاستدلال بأن الأصل براءة الذمّة.
ثم قال رضياللهعنه وأيضا فإن الشهادة لم تكمل بفعل واحد ، وانما هي شهادة على فعلين ، لان الزنا طوعا غير الزنا كرها (٤).
وهذا استدلال يرغب الإنسان ان يذكره مناظرا لخصمه ، لأن الشهادة كملت بالزنا ، لان من شهد بالإكراه ، فقد شهد بالزنا ، ومن شهد بالمطاوعة ، فقد شهد أيضا بالزنا ، فالفعل واحد ، وان كانت أسبابه مختلفة ، فما شهد الأربعة إلّا بالإيلاج في وقت واحد ، والإيلاج منه حينئذ حرام زنا بغير خلاف ، وأيضا الظواهر من القرآن تتناول ذلك ، فمن اخرج هذا منها فعليه الدليل.
إذا ملك رجل ذات محرم من نسب أو رضاع ، فوطأها مع العلم بتحريم الوطي عليه ، لزمه القتل على كل حال عندنا بعد حدّ الزنا.
وقال بعض أصحابنا عليه القتل ، وأطلق الكلام ولم يذكر الحد ، ولا دليل على سقوطه ، لقوله تعالى « الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ » (٥) وهذا زان بغير خلاف.
إذا استأجر امرأة للوطي لزمه الحد بلا خلاف بيننا.
إذا وجد الرجل امرأة على فراشه ، فظنها زوجته ، فوطأها ، لم يكن عليه الحد ،
__________________
(١) الخلاف ، كتاب الحدود ، مسألة ٢٤.
(٢) ج. ل. تقتضي ، والظاهر انه هو الصحيح.
(٣) الخلاف ، كتاب الحدود ، مسألة ٢٤.
(٤) الخلاف ، كتاب الحدود ، في دليل مسألة ٢٤.
(٥) سورة النور ، الآية ٢.