لقوله عليهالسلام ادرءوا الحدود بالشبهات (١) ولأنّ الأصل براءة الذمة.
وقد روى في بعض الرّوايات أنّ عليه الحد سرا ، وعليها الحد جهرا (٢).
أورد ذلك شيخنا في نهايته (٣) ، ورجع عنه في مسائل خلافه (٤).
وهو الصحيح الذي يقتضيه أصول مذهبنا ، ولا يرجع الى اخبار الآحاد في ذلك ، فان شيخنا رجع عن الخبر الذي أورده في نهايته ، وعمل بالأدلة القاهرة في مسائل خلافه.
إذا تكامل شهود الزنا أربعة وشهدوا به ، ثم ماتوا أو غابوا ، جاز للحاكم ان يحكم بشهادتهم ، ويقيم الحد على المشهود عليه ، لقوله تعالى « الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ » (٥) وهذا زان بغير خلاف.
إذا تكامل شهود الزنا ، فقد ثبت الحكم بشهادتهم ، سواء شهدوا في مجلس واحد ، أو في مجالس (٦) ولا يعتبر حضور الشهود لأداء الشهادة في وقت واحد ، الّا هاهنا ، فاما التحمل لها فلا نعتبره هاهنا ان يكون في وقت واحد ، بل شهادة الطلاق تحملها يكون في وقت واحد على ما بيّناه في كتاب الشهادات (٧).
إذا حضر أربعة ليشهدوا بالزنا ، فشهد واحد أو ثلاثة ، ولم يشهد الرابع ، لم يثبت على المشهود عليه الزنا ، لأن الشهادة ما تكاملت بلا خلاف ، ومن لم يشهد لا شيء عليه أيضا بلا خلاف ، ومن شهد فعليه حد القذف ، وقصّة المغيرة مشهورة ، فإنه استخلفه عمر بن خطاب على البصرة ، وكان نازلا في أسفل الدار ، ونافع وأبو بكرة وكانا أخا زياد لأمّه سمية ، جارية للحارث بن كلدة ، وشبل بن معبد ، وزياد في علوها ، فهبّت ريح ففتحت باب البيت ، ورفعت الستر ، فرأوا المغيرة بين رجلي امرأة من بنى هلال ، فلما أصبحوا تقدم المغيرة ليصلي ، فقال له أبو بكرة تنح عن مصلانا ،
__________________
(١) الوسائل ، الباب ٢٤ ، من أبواب مقدمات الحدود ، ح ٤.
(٢) الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب حد الزنا ، ح ١.
(٣) النهاية ، كتاب الحدود ، باب أقسام الزنا.
(٤) الخلاف ، كتاب الحدود ، مسألة ٢٠.
(٥) سورة النور ، الآية ٢.
(٦) ج. مجالس متعددة.
(٧) ج ٢ ، ص ٦٦٥.