فبلغ ذلك عمر ، فكتب ان يرفعوا اليه ، وكتب الى المغيرة قد تحدث عنك بما ان كان صدقا فلو كنت مت قبله لكان خيرا لك ، فاشخصوا إلى المدينة ، فشهد نافع وأبو بكرة وشبل بن معبد ، فقال عمر أؤدي المغيرة الأربعة ، فجاء زياد ليشهد ، فقال عمر هذا رجل لا يشهد الّا بالحق ان شاء الله فقال اما بالزنا فلا اشهد ، ولكني رأيت أمرا قبيحا ، فقال عمر : الله أكبر ، وجلد الثلاثة ، فحلف أبو بكرة ان لا يكلم أخاه زيادا ابدا ، فمات وما كلّمه « رحم الله أبا بكرة » فقال أبو بكرة بعد جلده (١) اشهد ان المغيرة زنى ، فهم عمران يجلده ، فقال له أمير المؤمنين على عليهالسلام : « ان جلدته فارجم صاحبك » (٢) يعني المغيرة ، ومعنى قول على عليهالسلام ـ ان جلدته فارجم صاحبك ـ فان معناه ان كانت هذه شهادة غير الاولى ، فقد كملت الشهادة أربعة ، فارجم صاحبك ، يعني إنما أعاد ما شهد به ، فلا تجلده بإعادته.
وكان أبو بكرة رجلا صالحا من خيار الصحابة ، ويعد في موالي رسول الله عليهالسلام واسمه نفيع ، واخوه نافع بن الحرث بن كلدة الثقفي ، طبيب العرب ، وأخوهما زياد ، كلهم من سميّة ، وكل منهم ينسب الى رجل.
وقال يزيد بن مفرّغ الحميري ، جد السيد الحميري يهجو زيادا (٣).
ان زيادا ونافعا وأبا |
|
بكرة عندي من أعجب العجب |
ان رجالا ثلاثة خلقوا |
|
في رحم أنثى وكلهم لأب |
ذا قرشي كما يقول وذا |
|
مولى وهذا بزعمه (٤) عربي |
إذا شهد أربعة رجال على رجل بالزنا ، فردت شهادة واحد منهم ، فان ردت بأمر ظاهر لا يخفى على أحد ، فإنه يجب على الأربعة حد القذف ، وان ردت بأمر خفي لا يقف عليه الّا الآحاد ، فإنه يقام على المردود الشهادة الحد ، والثلاثة لا يقام عليهم الحد ، لأن الأصل براءة الذمة ، وأيضا فإنهم غير مفرطين في إقامتها ، فإن أحدا لا يقف على بواطن الناس ، فكان عذرا في إقامتها فلهذا لأحد ، ويفارق إذا كان الرد بأمر ظاهر ، لان التفريط كان منهم ، فلهذا حدوا.
__________________
(١) ج. بعد ما جلد.
(٢) سنن البيهقي ، كتاب الحدود ، ج ٨ ، ص ٢٣٤٥.
(٣) ج. لعنه الله.
(٤) ج. ل. يزعمه.