وهو الصحيح الذي اخترناه ، ومن فسر البكر بما فسره شيخنا في نهايته ، يحتاج الى دليل ، وليس عليه دليل من إجماع ، ولا كتاب ، ولا سنّة مقطوع بها ، ولا يرجع في ذلك الى اخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا ، بل حقيقة البكر في لسان العرب من ذكرناه ، وفي عرف الشرع ما أثبتناه وحكيناه ، ولقوله عليهالسلام البكر بالبكرة جلد مائة (١) ، وتغريب عام ، والثيّب بالثيّب جلد مائة (٢) ثم الرجم ، (٣) فقسّم الزناة قسمين كما ترى لا ثالث لهما.
ثم قال والخامس وهو من يجب عليه الجلد وليس عليه أكثر من ذلك ، فهو كل من زنى وليس بمحصن ، ولا بكر ، فإنّه يجب عليه جلد مائة (٤) وليس عليه أكثر من ذلك ، رجلا كان أو امرأة ، ثم قال ومن هذه صورته إذا زنى ، فجلد ثم زنى ثانية ، فجلد ، ثم زنى ثالثة ، فجلد ، ثم زنى رابعة كان عليه القتل (٥).
قال محمّد بن إدريس ، والأظهر من أقوال أصحابنا ، والذي يقتضيه أصول مذهبنا ، انه يقتل في الثالثة ، لإجماعنا ان أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة ، وهذا منهم بغير خلاف.
ومن عدا المحصن من الزناة إذا زنى ثلاث مرات أو أكثر من ذلك ، ولم يقم عليه فيها الحد ، فليس عليه أكثر من مائة جلدة.
وجميع هذه الأقسام والاحكام التي ذكرناها خاصة في الحر والحرّة. إلّا القسم الأول ، فإنه يشترك فيه العبيد والأحرار ، فأما ما عدا ذلك ، فحكم المملوك غير حكم الحر ، فحكم المملوك والمملوكة إذا زنيا ان يجب على كل واحد منهما خمسون جلدة ، زنيا بحرّ أو بحرّة ، أو مملوك أو مملوكة ، لا يختلف الحكم فيه ، شيخين كانا أو شابين ، محصنين أو غير محصنين ، بكرين أو غير بكرين ، وعلى كل حال ، وليس عليهما أكثر من ذلك ، غير انهما إذا زنيا سبع مرات ، فأقيم عليهما الحدّ في ذلك ، ثم زنيا الثامنة ، كان عليهما القتل ، على ما رواه (٦) أصحابنا.
__________________
(١) و (٢) ج. مائة جلدة.
(٣) سنن ابن ماجة ، ج ٢ ، كتاب الحدود ص ٨٥٢ باب ٧ ، ح ٢٥٥٠.
(٤) ج. مائة جلدة.
(٥) النهاية ، كتاب الحدود ، باب أقسام الزنا.
(٦) الوسائل : الباب ٣٢ من أبواب حد الزنا ، ج ٢ ، وفي الفقيه باب حد المماليك في الزنا ح ١ / ٥٠٥١ ، ج ٤ ، ص ٤٤.