فان كانت البكر غير بالغ ، فيجب على من ذهب بعذرتها بإصبعه أو غير إصبعه المهر على ما قدمناه وحررناه.
فان كانت الجارية البالغة امة للغير ، فالمهر لا يجب ، بل يجب ما بين قيمتها بكرا أو غير بكر ، لانه مال الغير أتلفه ، سواء كانت الأمة مختارة أو مكرهة.
وإذا وجدت امرأتان في إزار واحد مجردتين من ثيابهما ، وليس بينهما رحم ، ولا أحوجهما الى ذلك ضرورة من برد وغيره ، كان على كل واحدة منهما التعزير ، من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين سوطا ، حسب ما يراه الإمام ، أو الوالي (١) والحاكم من قبله ، ولا يبلغ بذلك الحد.
وقد يوجد في بعض المواضع التعزير من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين.
والوجه في ذلك : انه كان الفعال مما يناسب الزنا واللواط والسحق ، فان الحد في هذه الفواحش مائة جلدة ، فيكون التعزير دونها ولا يبلغها ، فللحاكم أن يعزّر من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين ، فينقص عن المائة سوطا ، فاما إذا كان التعزير على ما يناسب ويماثل الحد الذي هو الثمانون ، وهو حد شارب الخمر عندنا ، وحد القاذف ، فيكون التعزير لا يبلغه ، بل من
ثلاثين إلى تسعة وسبعين ، فهذا معنى ما يوجد في بعض المواضع من الكتب ، تارة تسعة وتسعون ، وتارة تسعة وسبعون.
قال شيخنا أبو جعفر ، في الجزء الثالث من مسائل الخلاف ، في كتاب الأشربة ما ينبهك على ما قلناه ، قال مسألة لا يبلغ بالتعزير حد كامل ، بل يكون دونه ، وادنى الحدود في جنية الأحرار ، ثمانون ، والتعزير فيهم تسعة وسبعون جلدة ، هذا آخر كلامه (٢).
والذي يقتضيه أصول مذهبنا وأخبارنا ، ان التعزير لا يبلغ الحد الكامل الذي هو المائة ، ايّ تعزير كان ، سواء كان ما يناسب الزنا أو القذف ، وانما هذا الذي لوح به شيخنا من أقوال المخالفين ، وفرع من فروع بعضهم ، ومن اجتهاداتهم وقياساتهم الباطلة ، وظنونهم العاطلة.
__________________
(١) ل. أو الوالي أو الحاكم.
(٢) الخلاف ، كتاب الأشربة ، مسألة ١٤.