وقال قوم من المخالفين على عاقلته.
إذا ذكرت عند الحاكم امرأة بسوء ، فأرسل إليها فأجهضت ، اى أسقطت ما في بطنها فزعا منه ، فخرج الجنين ميتا ، فعلى الحاكم الضمان ، لما روى (١) من قصة المجهضة ، واين يكون على ما مضى ، وقلنا ان ما أخطأت فيه الحكّام فعلى بيت المال ، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في مبسوطة (٢).
والذي يقتضيه أصول مذهبنا أن دية الجنين على عاقلة الامام والحاكم ، لان هذا بعينه قتل الخطأ المحض ، وهو ان يكون ، غير عامد في قصده (٣) ، فكذلك هذا ، لانه لم يقصد الجنين بفعل ، ولا قصد قتله ، وانما قصد شيئا أخر ، وهي أمّة ، فإذا تقرر ذلك فالدية على عاقلته ، والكفارة في ماله.
والمسألة منصوصة لنا ، قد وردت في أخبارنا ، وفتوى أمير المؤمنين عليهالسلام لعمر بن الخطاب ، في قصّة المجهضة ، معلومة شايعة عندنا وعند المخالفين ، قد أوردها شيخنا المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي رضى الله عنه في كتابه الإرشاد ، في قضايا أمير المؤمنين عليهالسلام في امرة عمر بن الخطاب ، بحضور جماعة من الصحابة ، فسألهم عمر عن ذلك ، فاخطأوا وأمير المؤمنين جالس فقال له عمر ، ما عندك في هذا يا أبا الحسن ، فتنصّل من الجواب ، فعزم عليه ، فقال له ان كان القوم قد قاربوك ، فقد غشوك ، وان كانوا ارتاءوا ، فقد قصروا ، الدية ، على عاقلتك ، لان قتل الصبيّ خطأ ، تعلق بك فقال أنت والله نصحتني من بينهم ، والله لا تبرح حتى تجري الدية على بنى عدي ، ففعل ذلك أمير المؤمنين عليهالسلام (٤) وانما نظر (٥) شيخنا ما ذكره المخالفون ، فقد اختلفوا في ذلك اختلافا كثيرا.
قال شيخنا أبو جعفر في كتاب الأشربة من الجزء السادس من مبسوطة ، الختان
__________________
(١) الوسائل ، الباب ٣٠ من أبواب موجبات الضمان ، ح ١ ، باختلاف في الألفاظ.
(٢) المبسوط ، ج ٨ ، كتاب الأشربة ، ص ٦٤ ، وكلامه قدسسره فيه يتم على ما مضى.
(٣) ج. غير عامد في فعله ، غير عامد في قصده.
(٤) الإرشاد ، قضايا أمير المؤمنين عليهالسلام ، ص ٩٨ ، ط سنة ١٣٧٧.
(٥) ج. سطر ، ل. ينظر.