أحد هذه المواضع مدفونا ، أو مقفلا عليه ، فسرقه إنسان ، كان عليه القطع ، لانه بالقفل وبالدفن ، قد أحرزه إلى هاهنا كلامه رضى الله عنه (١).
اما حدّه للحرز بما حدّه ، فغير واضح لانه قال ـ والحرز هو كل موضع لم يكن لغير المتصرف فيه الدخول اليه الّا باذنه ـ ، وهذا على إطلاقه غير مستقيم لان دار الإنسان إذا لم يكن عليها باب ، أو يكون عليها باب ولم تكن مغلقة ولا مقفلة ، ودخلها إنسان وسرق منها شيئا ، لا قطع عليه بلا خلاف ، ولا خلاف انه ليس لأحد الدخول إليها إلّا بإذن مالكها ، فلو كان الحد الذي قاله مستقيما لقطعنا من سرق (٢) في هذه الدار ، لانه ليس لأحد دخولها إلّا بإذن صاحبها فهي حرز على حده رضى الله عنه.
فأما باقي ما أورده فصحيح ، لا استدراك عليه فيه.
وقوله والأرحية جمع رحى ، لان بعض الناس يصحفها الارحبة جمع رحبة (٣) وهو خطأ محض.
وإذا نقب الإنسان نقبا ، ولم يخرج متاعا ولا مالا ، وان جمعه وكورة وحمله ، لم يجب عليه قطع ، الّا ان يخرجه ، بل وجب تعزيره ، وانما يجب القطع إذا أخرجه من الحرز.
فإذا أخرج المال من الحرز وجب عليه القطع ، الّا ان يكون شريكا في المال الذي سرقه ، أو له حظ في المال الذي سرقه ، بمقدار ما ان طرح من المال المسروق ، كان الباقي أقل من النصاب الذي يجب فيه القطع ، فان كان الباقي قد بلغ المقدار الذي يجب فيه القطع ، كان عليه القطع على كل حال ، الّا ان يدعي الشبهة في ذلك ، وانه حسبه بمقدار حصته ، فيسقط حينئذ أيضا القطع ، لحصول الشبهة هاهنا لانه قال عليهالسلام ادرءوا الحدود بالشبهات (٤) وهذه شبهة.
وكذلك لو تنازع إنسان وغيره ، وقد خرج بالمتاع من داره ، فقال له سرقت هذا
__________________
(١) النهاية ، كتاب الحدود ، باب الحد في السرقة.
(٢) ج. ل. من هذه الدار.
(٣) ج. الأرحية جمع رحية.
(٤) الوسائل ، الباب ٢٤ ، من أبواب مقدّمات الحدود .. ح ٤.