منى ، فقال له بل أنت أعطيتني إياه ، لما وجب عليه القطع ، للشبهة في ذلك فان شهد عليه شاهدان بأنه فتح بابه ، واخرج المتاع من منزله ، لانه صار حدا متنازعا فيه ، وكل حد متنازع فيه يسقط ، للشبهة في ذلك.
ومن سرق من مال الغنيمة قبل ان يقسّم (١) مقدار ما يصيبه منها ، لم يكن عليه قطع وكان عليه التأديب ، لإقدامه على ما أخذه قبل قسمته.
فان سرق ما يزيد على نصيبه بمقدار ما يجب فيه القطع ، وزائدا عليه ، فقد ذهب بعض أصحابنا إلى وجوب القطع عليه ، أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته (٢).
والذي يقتضيه أصول مذهبنا ، انه لا قطع عليه بحال إذا ادعى الاشتباه في ذلك ، وانه ظن ان نصيبه يبلغ ما أخذه ، لأن الشّبهة بلا خلاف حاصلة فيما قال وادعى ، ولأن الأصل ان لا قطع ، فمن ادّعاه فقد ادّعى حكما شرعيّا يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ، ولا دلالة ولا إجماع على هذا الموضع.
وأيضا قول الرّسول عليهالسلام المجمع عليه ـ ادرءوا الحدود بالشبهات ـ وهذه شبهة بلا خلاف ، وقد قلنا انه إذا أخرج المال من الحرز ، فأخذ ، وادعى ان صاحب المال أعطاه إياه ، درئ عنه القطع ، وكان على من ادعى عليه السرقة البيّنة بأنه سارق.
ومتى سرق من ليس بكامل العقل ، بان يكون مجنونا أو صبيّا لم يبلغ ، وان ثقب وفتح وكسر القفل ، لم يكن عليه القطع.
وقد روى انّه ان كان صبيّا عفى عنه أول مرّة ، فإن عاد أدّب ، فإن عاد ثالثة حكّت أصابعه ، حتى تدمى ، فإن عاد رابعة قطعت أنامله ، فإن عاد بعد ذلك ، قطع أسفل من ذلك ، كما يقطع الرجل سواء (٣).
ويثبت وجوب القطع بقيام البيّنة على السّارق ، وهي شهادة نفسين عدلين ، يشهدان عليه بالسرقة ، فان لم يقم بيّنة ، وأقر السّارق على نفسه مرتين بالسرقة ، كان عليه أيضا القطع ، اللهم الا ان يكون عبدا ، فإنه لا يقبل إقراره على نفسه بالسرقة ،
__________________
(١) ج. ل. بمقدار.
(٢) النهاية ، كتاب الحدود ، باب الحد في السرقة ، باختلاف يسير مع المتن.
(٣) الوسائل ، الباب ٢٨ ، من أبواب حد السرقة ، ح ١ ـ ٢ ـ ٤ ـ ٧ ـ ١٥ ـ ١٦.