وهو الصحيح الذي لا يجوز العدول عنه ، لان فيه الحجة ، وانما شيخنا يورد في نهايته اخبار آحاد إيرادا لا اعتقادا على ما كررنا القول في ذلك ، واعتذرنا له فيما يورده في نهايته ، فإذا حقق النظر تركها وراء ظهره ، وافتى بما تقتضيه الأدلة وأصول المذهب على ما قاله هاهنا ، اعنى مبسوطة.
فان سرق إنسان شيئا من كم غيره ، أو جيبه ، وكانا باطنين ، وجب عليه القطع ، على ما رواه (١) أصحابنا ، فإن كانا ظاهرين ، لم يجب عليه القطع ، وكان عليه التأديب والعقوبة ، بما يردعه عن مواقعة مثله في مستقبل الأوقات.
ومن سرق حيوانا يجوز تملكه ، ويكون قيمته ربع دينار فصاعدا ، وجب عليه القطع ، كما يجب في سائر الأموال على ما قدمناه.
إذا سرق نفسان فصاعدا ربع دينار ، أو ما قيمته ربع دينار ، سواء كان من الأشياء الخفيفة أو الثّقيلة ، لا يجب عليهم القطع على الأظهر من أقوال أصحابنا ، لأنه قد نقص عن مقدار ما يجب فيه القطع في حق كلّ واحد منهم ، فاما ان انفرد كل واحد منهم ببعضه ، لم يجب عليهم القطع بلا خلاف عندنا هاهنا ، لانه قد نقص عن مقدار ما يجب فيه القطع ، وكان عليهم التعزير.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وإذا سرق نفسان فصاعدا ما قيمته ربع دينار ، وجب عليهما القطع (٢).
الّا انه رجع عن ذلك في مسائل خلافه ، فقال مسألة إذا نقب ثلاثة ، ودخلوا واخرجوا بأجمعهم ، فبلغ نصيب كل واحد منهم نصابا ، قطعناهم بلا خلاف ، وان كان أقل من نصاب ، فلا قطع ، سواء كانت السرقة ثقيلة أو خفيفة ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي ، وقال مالك : ان كانت السرقة ثقيلة فبلغت قيمة نصاب ، قطعناهم كلهم ، وان كانت خفيفة ، ففيه روايتان ، إحديهما كقولنا ، والثانية كقوله في الثقيلة ، وروى أصحابنا ، انه إذا بلغت السرقة نصابا ، وأخرجوها
__________________
(١) الوسائل ، الباب ١٣ ، من أبواب حد السرقة ، ح ٢.
(٢) النهاية ، كتاب الحدود ، باب الحد في السرقة.