تعالى ( وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) ، وهذا سارق ، فمن أسقط القطع عنه ، فقد أسقط حدّا من حدود الله تعالى بغير دليل بل بالقياس والاستحسان ، وهذا من تخريجات المخالفين وقياساتهم على المجتاز.
وأيضا فلو كنا عاملين بالقياس ما ألزمنا هذا ، لان المجتاز ما هتك حرزا ولا نقب ، فكيف يقاس الناقب عليه.
وأيضا فلا يخلو الداخل من انه اخرج المال من الحرز ، أو لم يخرجه ، فان كان أخرجه فيجب عليه القطع ، ولا أحد يقول بذلك ، فما بقي الّا انه لم يخرجه من الحرز ، وأخرجه الخارج من الحرز الهاتك له ، فيجب عليه القطع ، لانه نقب واخرج المال من الحرز ، ولا ينبغي ان تعطل الحدود بحسن العبارات وتزويقاتها وثقلها وتوريقاتها ، وهو قولهم ما أخرجه من كمال الحرز أيّ شيء هذه المغلطة (١) ، بل الحق ان يقال أخرجه من الحرز أو من غير الحرز ، لا عبارة عند التحقيق سوى ذلك ، وما لنا حاجة الى المغالطات بعبارات كمال الحرز.
فان نقب إنسان وحده ، ودخل فاخرج ثمن دينار ، ثم عاد من ليلته أو من الليلة الثانية ، فاخرج ثمن دينار ، فكمل النصاب ، فإنه يجب عليه القطع.
ولو قلنا انه لا قطع عليه لكان قويا ، لانه ما اخرج من الحرز في دفعة واحدة ربع دينار ، ولا قطع على من سرق أقل منه.
ودليل الأوّل ان النبيّ عليهالسلام قال من سرق ربع دينار فعليه القطع ، ولم يفصل ، وقوله تعالى « وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما » وهذا سارق لغة وشرعا ، وبهذا افتى وعليه أعمل.
فإن نقب ودخل الحرز فذبح شاة ، فعليه ما بين قيمتها حية ومذبوحة ، فإن أخرجها بعد الذبح ، فان كانت قيمتها نصابا ، يجب فيه القطع ، فعليه القطع ، وان كانت أقل من نصاب فلا قطع عليه.
فان نقب ودخل الحرز ، وأخذ ثوبا فشقّه ، فعليه ما نقص بالخرق ، فإن أخرجه ،
__________________
(١) ج. ل. المغالطة.