وقال شيخنا المفيد في مقنعته ، وأهل الدعارة ـ بالدال غير المعجمة ، قال الجوهري صاحب كتاب الصحاح ، الدعر بالتحريك الفساد ، والدعر أيضا مصدر قولك دعر العود بالكسر ، يدعر دعرا ، فهو عود دعر اى ردي كثير الدّخان ، ومنه أخذت الدعارة وهي الفسق والخبث ، يقال هو خبيث داعر ، بيّن الدعر والدعارة ، هذا آخر كلام الجوهري ، عدنا الى قول شيخنا المفيد ، قال وأهل الدعارة إذا جردوا السلاح في دار الإسلام ، وأخذوا الأموال ، كان الامام مخيّرا فيهم ان شاء قتلهم بالسيف ، وان شاء صلبهم حتى يموتوا ، وان شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وان شاء نفاهم عن المصر الى غيره ، ووكّل بهم من ينفيهم عنه الى ما سواء ، حتى لا يستقرّ بهم مكان الّا وهم منفون (١) عنه ، مبعدون ، الى ان تظهر منهم التوبة والصلاح ، فان قتلوا النفوس مع إشهارهم السلاح ، وجب قتلهم على كلّ حال بالسيف أو الصّلب ، ولم يتركوا على وجه الأرض أحياء ، هذا آخر كلامه رحمهالله (٢) وهو الأظهر الأصح ، لأنه يعضده ظاهر التنزيل ، فلا يرجع عن هذا الظاهر باخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا ، لأن أو حقيقتها في لسان العرب التخيير ، ولأجل ذلك اخترنا في كفارة الصيد التخيير دون الترتيب.
واللصّ حكمه عندنا حكم المحارب ، فإذا دخل على إنسان ، جاز له ان يقاتله ويدفعه عن نفسه ما دام مقبلا عليه ، فان أدّى الدفع الى قتل اللّص ، لم يكن على قاتله شيء من قود ، ولا دية ، ولا كفارة ، لأنه محسن ، وقد قال تعالى ـ ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) » (٣) فاما إذا أدبر عنه اللصّ ، فلا يجوز له رميه ولا قتله ، لانه ساغ له ذلك لأجل دفعه عنه ، فإذا أدبر فلا يجوز له رميه ولا قتله في حال إدباره ، فإن ضربه في حال إقباله عليه ضربة قطع بها يده ، فأدبر عنه ، ثم ضربه في حال إدباره ضربة أخرى قطع اليد الأخرى منه ، فإنه يجب عليه في اليد الأخيرة (٤) المقطوعة القصاص ، أو الاصطلاح على ديتها ، ولا شيء عليه في قطع اليد الاولى بحال.
__________________
(١) ج. منفيون.
(٢) المقنعة ، باب الخلسة ونبش القبور .. والفساد في الأرضين ، ص ٨٠٥.
(٣) سورة التوبة ، الآية ٩١.
(٤) ج. الأخرى.