والمحتال على أموال الناس بالمكر والخديعة وتزوير الكتب ، والرسالات الكاذبة ، والشهادات بالزور ، وغير ذلك من الأكاذيب ، يجب عليه العقوبة والتعزير والتأديب ويغرّم ما أخذ بذلك على الكمال ، وينبغي للحاكم أن يشهره بالعقوبة لكي يرتدع غيره عن فعل مثله في مستقبل الأوقات ، وينهكه ضربا.
والمختلس هو الذي يسلب الشيء ظاهرا لا قاهرا من الطرقات والشوارع ، من غير شهر لسلاح ولا قهرا ، بل استلابا واختلاسا ، فإنه يجب عليه العقاب المردع ، والضرب الموجع ، ولا قطع عليه ، لانه ليس بسارق ولا قاطع طريق.
ومن نبش قبرا وسلب الميت كفنه ، وأخرجه من القبر ، وكان قيمته ربع دينار ، فإنه يجب عليه القطع ، ويكون المطالب بذلك الورثة ، لأنه على حكم ملكهم ، بدلالة انه لو أكل الميّت سبع ، أو أخذه سيل ، وبقي الكفن فإنه يكون للورثة دون غيرهم ، ويجب عليه مع القطع التأديب المردع.
فان كان قد نبش القبر ولم يأخذ شيئا ، أو أخذ وكان الكفن دون ربع دينار ، فإنه لا قطع عليه ، بل يجب عليه العقوبة المردعة.
فان نبش ثانية ، فإنه يجب عليه القطع إذا أخذ الكفن ، سواء كان قيمته ربع دينار أو أقل من ذلك ، ولا يراعى في مقدار الكفن النصاب إلّا في الدفعة الاولى فحسب ، لقولهم عليهمالسلام ، سارق موتاكم كسارق احيائكم (١).
ولا خلاف ان من سرق من حيّ دون ربع دينار عندنا لا يجب عليه القطع ، فان قيل فهذا يلزم في الدفعة الثانية؟
قلنا لمّا تكرر منه الفعل صار مفسدا ساعيا في الأرض فسادا فقطعناه لأجل ذلك ، لا لأجل كونه سارقا ربع دينار ، ولهذا روى (٢) أصحابنا انه من سرق حرا صغيرا ، فباعه ، وجب عليه القطع ، قالوا لانه من المفسدين في الأرض ، وأيضا
__________________
(١) الوسائل ، الباب ١٩ من أبواب حد السرقة ، ح ٤ ، الّا ان لفظ الحديث هكذا ، يقطع سارق الموتى كما يقطع سارق الأحياء.
(٢) الوسائل ، الباب ٢٠ من أبواب حد السرقة والباب ٢٨ من أبواب حد الزنا ، ح ١ ـ ٢ فراجع كلام الشيخ ( قدسسره ) في المقام ص ٤٩٩. من هذا الكتاب.