الميم ، وفتح الحاء غير المعجمة.
فإذا ثبت ان موجب القذف الجلد ، فإنما يجب ذلك بقذف محصنة أو محصن ، لقوله تعالى « وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ».
وشرائط الإحصان خمسة أشياء ، ان يكون المقذوف حرا ، بالغا ، عاقلا ، مسلما ، عفيفا عن الزنا ، فإذا وجدت هذه الخصال ، فهو المحصن الذي يجلد قاذفه ، وهذه الشروط معتبرة بالمقذوف لا بالقاذف ، لقوله تعالى ـ ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ) ـ فوصف المقذوف بالإحصان.
فمتى وجدت الشرائط ، وجب الحد على قاذفه مع مطالبته له.
ومتى اختلت أو واحدة منها فلا حد على قاذفه ، واختلالها بالزنا أو بالوطي الحرام على ما يأتي بيانه ان شاء الله.
واما القاذف فلا يعتبر فيه الحصانة ، وانما الاعتبار بان يكون عاقلا ، سواء كان حرا أو عبدا عندنا ، فإن أصحابنا رووا وأجمعوا ان عليه الحدّ كاملا هاهنا ، وفي شرب الخمر والمسكر سواء كان حرا أو عبدا.
فاما الكلام الذي يكون قذفا يوجب الحد الذي هو الثمانون على قائله ، فهو ان يقول يا زاني ، يا لائط ، أو يا منكوحا في دبره ، أو قد زنيت ، أو لطت ، أو نكحت ، أو ما معناه معنى هذا الكلام بأي لغة كانت ، بعد ان يكون القائل عارفا بها وبموضوعها ، وفائدة اللفظة (١) في عرفه وعادته ولغته ، وان لم يكن المقول له عارفا بذلك ، بل الاعتبار بمعرفة القائل فائدة اللفظ ، لا المقول له ، وجب عليه حد القاذف ، وهو ثمانون.
فان قال له شيئا من ذلك ، وكان غير بالغ ، أو المقول له كان غير بالغ ، لم يكن عليه حد القذف ، وروى (٢) ان عليه التعزير.
فان قال له شيئا من ذلك ، وهو لا يعلم فائدة تلك اللفظة ولا تلك اللغة ، ولا موضوع
__________________
(١) ج. ل. اللفظ.
(٢) لم نتحققها الّا أنّه أوردها الشيخ قدسسره في النهاية ، كتاب الحدود باب الحد في الفرية وما يوجب التعزير.