قال محمد بن إدريس رحمهالله ، الصحيح الذي يقتضيه أصول المذهب ، انه يحنث ، لأنّ الشحم عبارة عن غير اللحم ، من اى موضع كان ، سواء كان شحم الألية أو الظهر ، أو البطن ، بغير خلاف بين أهل اللسان.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه : إذا حلف لا يأكل رطبا ، فأكل المنصف ، وهو الّذي نصفه رطب ، ونصفه بسر أو حلف الا يأكل بسرا فأكل المنصف حنث (١).
قال محمّد بن إدريس رحمهالله والذي يقوى في نفسي ، انه لا يحنث ، للعرف ، لأنّ الإنسان إذا قال لغلامه اشتر لنا رطبا ، فاشترى له منصفا ، لم يمتثل امره ، وكذلك ان امره بشرى البسر ، فاشترى له المنصف ، لم يكن ممتثلا أمره ، لأنّ في عرف العادة ، الرّطب هو الذي جميعه قد نضج ، وكذلك في البسر ، الذي جميعه لم ينضج منه شيء ، وهذا هو المتعارف.
إذا حلف لا استخدم فلانا ، فخدمه فلان من قبل نفسه ، لا يحنث ، لأنّ لفظ الاستفعال ان يطلب منه الخدمة ، هذا موضوعها في اللغة ، وإذا لم يطلب منه ذلك ، لم يكن مستخدما.
إذا حلف لا يشمّ الورد ، فشم دهنه لم يحنث.
إذا حلف لا اضرب فلانا فعضه ، أو خنقه ، أو نتف شعره ، لم يحنث.
إذا حلف لا أتسرّى ، فالكلام في التسري ما هو؟ قال قوم : التسري الوطي والتخدير ، أنزل أو لم ينزل ، لأنّ الجارية ضربان ، سريّة ، وخادمة. فإذا خدّرها ووطئ ، فقد تسرى ، وترك الاستخدام ، وقال قوم التسري مجرد الوطي ، أنزل أو لم ينزل ، خدّرها ، وحصنها ، أو لم يفعل ذلك.
والأقوى عندي الأول ، قال الجوهري في كتاب الصّحاح ، كان الأخفش يقول السريّة مشتقة من السرور ، لانّه يسّر بها ، يقال تسرّيت جارية ، وتسررت ، كما قالوا تظننت وتظنيت ، فعلى هذا من قال هو مشتق من التسري (٢) ، يكون مصدر
__________________
(١) الخلاف كتاب الايمان ، مسألة ٨٢.
(٢) ج. من السرور.