في ذلك في كتاب الحج (١) ، وأشبعنا القول فيه.
فعلى هذا التقرير والتحرير لا يصح أن ينذر الإنسان أن يصلّى خمس ركعات بتسليمة واحدة ، لأنّه نذر مخالف للمشروع ، غير مماثل له.
ولا يصح النذر حتى يكون النّاذر لافظا بقصده لله على نفسه ، بان يقول ويتلفّظ ، علىّ لله ، أو لله عليّ ، ويكون معتقدا له ، مختارا من غير إكراه ولا إجبار.
ولا يصح أيضا إلّا فيما يملكه الإنسان.
فإذا تقرّر ذلك ، وتلفّظ بما قدّمناه ، فهذا الّذي تسميه الفقهاء نذر التبرر والطّاعة ، وهو على ضربين : امّا ان يعلّقه بجزاء ، أو يطلق.
فإن علّقة بجزاء فالجزاء ضربان : امّا ابتداء نعمة ، كقوله : إن رزقني الله ولدا فلله علىّ أن أتصدّق بمال ، أو إن ملكت مالا ، أو إن فتحت بلدا من بلاد أهل الحرب ، وامّا دفع نقمة ، مثل ان يقول : إن نجّانى الله من هذا الحرب ، أو ردّني من هذا السفر ، أو أنجاني من البحر ، أو شفاني من هذا المرض ، فإذا وجد شرط نذره لزمه الوفاء به ، بلا خلاف.
وأمّا المطلق بان يقول : لله عليّ أن أتصدق بمال وان أحج ، أو أصوم ، ونحو هذا نذر طاعة ، ابتداء بغير جزاء ، فعندنا أنّه يلزمه ، وعند الأكثر ، وذهب بعض المخالفين إلى انّه لا يتعلق به حكم ، وتمسّك بأنّ غلام ثعلب قال عن ثعلب : « إنّ النّذر عند العرب وعيد بشرطه » وهو اختيار المرتضى « رحمهالله » (٢) وما ذهبنا اليه هو الظاهر المعمول عليه عند أصحابنا ، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر (٣) ، وغيره ، من مشيختنا (٤) « رحمهمالله ».
ومتى نذر الإنسان أنّه إن عوفي ولد له من مرضه ، وهو غائب عنه ، ثمّ سمع بصلاحه ، فان كان برؤه بعد النذر وجب عليه الوفاء به ، وإن كان برؤه قبل النّذر لم يجب عليه ذلك.
__________________
(١) الجزء الأول ، ص ٥٧٦.
(٢) الانتصار ، كتاب النذور.
(٣) النهاية ، كتاب الايمان والنذور ، باب أقسام النذور والعهود.
(٤) ج. ل. مشايخنا.