لا من الميقات ، وبينهم خلاف في أنّه إن نذر أن يحرم قبل الميقات فهل يلزمه وينعقد نذره أم لا؟ فبعض يجيزه على هذه الرّواية ، وبعض لا يجيزه ، ويتمسك بالأصل والإجماع المنعقد.
فأمّا ما لا يجب الوفاء به من النّذر
فهو ان ينذر أنه متى لم يترك واجبا أو ندبا كان عليه كيت وكيت ، فليفعل الواجب أو الندب ولا شيء عليه ، وكذلك إن نذر أنه متى لم يفعل قبيحا كان عليه كيت وكيت ، فليترك القبيح ولا شيء عليه.
ومن نذر شكرا الله تعالى أنّه متى فعل قبيحا كان عليه كيت وكيت ، ثمّ فعل القبيح ، لم يلزمه الوفاء بما نذر ، لأنّ هذا نذر في معصية ، اللهم إلّا ان يكون جعل ذلك على نفسه ، على سبيل الكفّارة لما يرتكبه من القبيح ، فيجب عليه حينئذ الوفاء به ، لانّه صار نذرا في واجب ، وهو ترك القبيح.
ومن نذر أنه متى فعل واجبا أو ندبا ، أو قدم من سفر ، أو ربح في تجارة ، أو بريء ممن مرض ، وما أشبه ذلك ، شرب خمرا ، أو ارتكب فجورا أو قتل مؤمنا ، أو ترك فرضا ، فعليه ان يترك الواجب أو النّدب ، ولا كفّارة عليه.
ومن عاهد الله : ان يفعل واجبا أو ندبا وجب عليه الوفاء به ، فان لم يفعل كان عليه الكفّارة ، وكذلك ان عاهد الله على ان يفعل مباحا لا يترجح فعله على تركه ، فان عاهد على أن لا يفعل قبيحا أو لا يترك واجبا أو ندبا ، ثمّ فعل القبيح أو ترك الواجب والنّدب ، وجبت عليه الكفّارة ، ومن عاهد الله أن يفعل فعلا كان الاولى أن لا يفعله في دينه أو دنياه ، أو لا يفعل فعلا الاولى أن يفعله ، فليفعل ما الاولى به فعله ، وليترك ما الاولى به تركه ، وليس عليه في ذلك كفارة.
وقد قدّمنا أن النّذر لا ينعقد الّا أن يتلفظ النّاذر به ، ويكون على صيغة مخصوصة ، ويقارنه النيّة المتقرب بها اليه سبحانه ، ويكون في فعل واجب أو ندب أو ترك قبيح ، أو مباح لا يترجح فعله على تركه دينا أو دنيا ، وسواء كان معلّقا بشرط أو مطلقا عنه ، على الصحيح من أقوال أصحابنا وفتاويهم.