ذبح شاة ، أو صيام ثلاثة أيّام ، أو إطعام ستة أمداد لستة مساكين ، وكذلك كفارات الحج كلها على التخيير ، على الصحيح من أقوال أصحابنا ، وظاهر القرآن يعضد ذلك ، وقد ذكرنا الخلاف في ذلك في كتاب الحج (١).
والكفارة التي تجمع الأمرين ، كفّارة اليمين ، فإن الإنسان مخير في الثلاثة الأجناس ، اما عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، فان عجز عن ذلك اجمع ، وجب عليه صيام ثلاثة أيام مرتبة متوالية ، بغير خلاف.
ومتى أراد ان يكفر بالإطعام ، فعليه ان يطعم عشرة مساكين ، لكل مسكين مدّ على الصحيح من المذهب ، وظاهر التنزيل يعضد ذلك ، والأصل أيضا يقويه ، وقد ذهب بعض أصحابنا إلى مدّين.
وقدر المد ، رطلان وربع بالعراقي.
وكذلك في سائر الكفارات الظهار ، والقتل ، والوطي ، وفدية الأذى ، وغير ذلك.
ويجوز ان يخرج حبّا ، ودقيقا ، وخبزا ، وكل ما يسمّى طعاما إلّا كفارة اليمين ، فإنه يجب عليه ان يخرج من الطعام الذي يطعم اهله ، لقوله تعالى « مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ » (٢) فقيد تعالى ذلك ، وأطلق في باقي الكفارات ، ولأنّ الأصل براءة الذمة.
فإن أراد التكفير بالكسوة ، فلكل مسكين ثوب واحد ، ولا يلزمه ان يكون جديدا ، ويجوز ان يكون غسيلا ، سواء كان مئزرا أو قميصا. وقال بعض أصحابنا الواجب ثوبان.
وكل من تلزمه نفقته لا يجوز صرف الكفارة اليه ، ومن لا تلزمه نفقته ، يجوز صرفها اليه ، وجملة الأمر وعقد الباب ، ان مستحق الكفّارة ، مستحقّ الزكاة ، وقد مضى ذكرهم في كتاب الزكاة (٣).
وعليه ان يعطى عشرة مساكين ، يعتبر العدد فيهم ، فان لم يجد العدد كرر عليهم
__________________
(١) في الجزء الأول ، ص ٥٥٧.
(٢) سورة المائدة ، الآية ٨٩.
(٣) في الجزء الأوّل ، ص ٤٥٥.