طير وبهيمة ، ذي ظفر ، وناب ومخلب ، وانّما اتى بلفظ مكلبين ، وهي تخص الكلاب ، لأنّ المكلّب ، هو صاحب الكلاب بلا خلاف بين أهل اللّغة ، فعلمنا انّه تعالى لم يرد بالجوارح جميع ما يستحق هذا الاسم ، وانّما أراد بالجوارح الكلاب خاصّة ، ويجرى ذلك مجرى قولهم ركب القوم مهاريهم ، مبقرين ، أو مجمرين ، فإنه لا يحمل وان كان اللفظ الأول عاما ، الّا على ركوب البقر والجمازات ، وليس لأحد ان يقول المكلّب المضرى ، والممرّن ، والمغرى قلنا (١) هذه لفظة عربية مشتقة من الكاف واللام والباء ، فلا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز ، ولا يتكلّم فيما طريقه اللغة ، إلّا أهلها.
قال طفيل الغنوي :
« تباري مراخيها الزجاج كأنها |
|
ضراء أحسّت تباعة من مكلب » |
يصف خيلا والمراخى جمع مرخاء ، وهي السّريعة العدو ، والزجاج جمع زج ، والضراء جمع ضرورة ، وهي الكلبة.
وقال النابغة : فارتاع من صوت كلاب.
وانما يكون معلما بثلاث شرائط ، أحدها إذا أرسلته استرسل ، وثانيها إذا زجرته انزجر ، وثالثها لا يأكل ممّا يمسكه ، ويتكرر هذا منه دفعات ، حتى يقال في العادة انه معلّم.
ثمّ يكون مرسله ممن يعتقد وجوب التسمية عند إرساله ، ويسمي إذا أرسله.
فإن أكل الكلب منه نادرا فلا بأس بأكل الباقي ، وان كان الأكل عادة له فلا يجوز أكل ما قتله.
واما إذا استرسل بنفسه ، فان وجده وفيه حياة مستقرة ، لم يحل حتى يذكيه معلما كان أو غير معلم ، وان قتله فلا يحل أيضا ، فكأنّه إنّما يحل في موضع واحد ، وهو إذا أرسلته فقتله وهو معلم ، لدليل الآية.
إذا أرسل المسلم آلته على صيد وأرسل المجوسي ، أو أي كافر كان ، آلته أيضا
__________________
(١) ج. لأنا نقول.