وَالْمُتَرَدِّيَةُ » (١) فما وقع في الماء ، فالماء يخنقه ، وما وقع على الجبل ثمّ تردّى ، فهو المتردية ، هذا إذا كان الجرح غير موحّى. فاما ان كان الجرح قاتلا موحيا ، مثل ان وقع السّلاح في حلقه ، فذبح ، أو في قلبه ، أو في كبده فقتله ، حل اكله بكل حال ، لأنه صار مذكى ، فلا يقدح فيه ما وراء ذلك ، كما لو ذبح شاة ، ثم وقعت في الماء ، فماتت فيه ، فإنه يحل أكلها ، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر في مبسوطة (٢).
وقال شيخنا في نهايته ، وإذا طعن الصيد برمح ، أو ضربه بسيف ، فقتله ويكون قد سمّى جاز له أكله ، فإن قدّه بنصفين ، ولم يتحرك واحد منهما ، جاز له أكلهما ، إذا خرج منهما الدم ، وان تحرك أحد النصفين ، ولم يتحرك الآخر ، أكل الذي تحرك ، ورمى ما لم يتحرك (٣).
قال محمّد بن إدريس رحمهالله إذا سال الدم منهما ، أكلهما جميعا ما يتحرك ، وما لم يتحرك.
وذهب شيخنا في مسائل خلافه ، إذا قطع الصيد بنصفين ، حلّ أكل الكل ، بلا خلاف ، وان كان الذي مع الرأس أكثر ، حلّ الذي مع الرأس دون الباقي (٤).
قال محمد بن إدريس رحمهالله الاعتبار بما مع الرأس إذا لم يكن فيه حياة مستقرة ، فإذا كان كذلك حل الجميع ، وان كان الذي مع الرأس فيه حياة مستقرة ، فلا يؤكل ما عداه ممّا أبين منه. لأنّه أبين من حي ، وما أبين من حيّ فهو ميتة ، فامّا إذا لم يكن فيه حياة مستقرّة ، فما هو ممّا أبين من حي ، فيؤكل الجميع ، وشيخنا استدلّ على تحريمه بأنه أبين من حي ، ولم يفصّل ما فصّلناه ، ولا حرر ما حررناه ، فلتلحظ ما بيّناه بعين الانصاف ، تجده واضحا جليا.
وان قطع منه قطعة بسيف ، أو أخذت الحبالة منه ذلك ، فليرم بالقطعة ، وليذكّى الباقي ويأكله.
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ٣.
(٢) المبسوط ، ج ٦ ، كتاب الصيد والذبائح ، ص ٢٧٢ ـ ٢٧٣.
(٣) النهاية ، كتاب الصيد والذبائح ، باب الصيد واحكامه.
(٤) الخلاف ، كتاب الصيد والذبائح ، مسألة ١٧.