يا رب العالمين (١).
٢ ـ قل : فيما نذكره مما ينبغي أن يكون أهل السعادات والاقبال عليه يوم الاضحى من الاحوال :
أعلم أننا قد ذكرنا في عيد شهر رمضان ما فتحه علينا مالك القلب اللسان من الاداب عند استقبال ذلك العيد وآداب ذلك النهار ، ما نستغني به الان عن التكرار لكن يمكن أنك لا تقدر على نظر ما قدمناه ، أو لا تعرف معناه ، فنذكر عرف ما يفتح الله جل جلاله عليه ويحسن به إلينا فنقول :
اذكر أيها الانسان أن الله جل جلاله سبقك بالاحسان قبل أن تعرفه وقبل أن تتقرب إليه بشئ من الطاعات ، فهيألك كل ما كنت محتاجا إليه من المهمات حتى بعث لك رسولا من أعز الخلايق عليه ، يزيل ملوك الكفار ويقطع دابر الاشرار ، الذين يحولون بينك وبين فوائد أسراره ، ويشغلونك عن الاهتداء بأنواره فأطفأنار الكافرين ، وأذل رقاب ملوك اليهود والنصارى والملحدين ، ولم يكلفك أن تكون في تلك الاوقات من المجاهدين ، ولا تكلفت خطرا ولا تحملت ضررا في استقامة هذا الدين ، وجاءتك العبادات في عافية ونعمة صافية مما كان فيه سيد المرسلين ، وخواص عترته الطاهرين ، صلوات الله عليه وعليهم أجعين ، ومما جاهد عليه ووصل إليه السلف من المسلمين ، فلا تنس المنة عليك في سلامتك من تلك الاهوال وما ظفرت به من الامال والاقبال ، وجر بلسان الحال بنظرك ، واذكر بخاطرك القتلى الذين سفكت دماؤهم في مصلحتك وهدايتك من أهل الكفر ومن أهل الاسلام ، حتى ظفرت أن بسعادتك ، وكم خرب من بلاد عامرة ، وأهلك من امم غابرة.
ثم اذكر إبراز الله جل جلاله أسراره بيوم العيد ، وأظهر لك أنواره بذلك الوقت السعيد ، من مخزون ماكان مستورا عن الامم الماضية ، والقرون الخالية وجعلك أهلا أن تزور عظمته وحضرته فيه ، وتحدثه بغير واسطة وتناجيه ، فهل
__________________
(١) البلد الامين : ٢٥٩ وقد كان ههنا بياض في الكمبانى.