والرخصة إن كانت حاصلة من جهة العادة وانصراف الكلام وإطلاقه إليه ، ففي جميع العاديات لا إشكال ، وإلّا ففي الكلّ إشكال ، لاتّحاد المقتضي والمانع.
اللهم ، إلّا أن يكون في بعض العاديات إجماع أو نصّ في الضمان ، وإن ظهر الرخصة من المالك ، ودون ثبوته خرط القتاد ، بل قدماؤنا لم يتعرّضوا أصلا لأمثال هذه الأمور ، اتّكالا على القاعدة ، مضافا إلى عدم الصدور من الشرع ما ينافي القاعدة (١) ، فتأمّل!
قوله : ويمكن مع الجهل أيضا (٢) ، حيث قصّر في التحقيق .. إلى آخره (٣).
لا يخفى أنّهم يحكمون بالضمان جهلا ، بل ونسيانا أيضا ، لأنّ الضمان بالإتلاف من الأحكام الوضعيّة والمسبّب المترتّب على السبب ، ولذا يحكمون بضمان المجنون والصبي ، فلا حاجة إلى التقييد بالتقصير في التحقيق.
قوله : ولا يكون حينئذ هذا الكذب قبيحا ولا مضرّا ، بل يصير واجبا ونفعا محضا .. إلى آخره (٤).
إن أراد رحمهالله أنّه حينئذ مثل الصدق الّذي يصير سببا لنجاة النبيّ من القتل من دون تفاوت ، ففيه ما فيه ، ألا ترى أنّ النظر من الطبيب الأجنبي إلى فرج المرأة الأجنبيّة ولمسها وإدخال اليد فيها لإخراج الطفل الميّت عند الضرورة واجب! وليس هذا مثل النظر إلى يد الرجل الكبير ولمسها عند الضرورة.
وكذا قتل الزهّاد والعبّاد من المؤمنين ونسائهم وأطفالهم عند تترّس الكفّار
__________________
(١) كذا في كافّة النسخ ، والظاهر أنّ المراد : ( عدم صدور ما ينافي القاعدة من الشرع ).
(٢) لم ترد ( أيضا ) في المصدر.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٢٩٤.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٣٠١.