إليك إلّا عارية ، تعامل معي معاملة العارية ولا أرضى بغير ذلك ، والمحرم أخذ كذلك وأقدم بذلك ، فعليه العوض لو أرسل ، لعموم « على اليد » ، والنهي في المعاملات لا يقتضي الفساد ، ولأنّه أقدم على الضمان ، ولأنّ المباشر أقوى إذا اجتمع مع السبب ، إلّا أن يكون هو أقوى ، وليس ما نحن فيه منه ، فتأمّل جدّا.
قوله : وهي تحصل (١) بغير عقد ، كما لو حسن ظنّه (٢) بصديقه كفى في الانتفاع عن العقد ، وكما في الضيف ، بخلاف العقود اللازمة ، فإنّها موقوفة على ألفاظ خاصّة اعتبرها الشرع .. إلى آخره (٣).
قد عرفت أنّ مثل هذا لا يسمّى عارية عرفا ولغة ، وأنّه لا يكفي الظنّ ، لشمول ما دلّ على المنع من اتّباعه ، وأنّه مع العلم لو تلف يمكن الضمان ، لعموم « على اليد » ، مع عدم مخرج ، إذ لا ملازمة بين عدم حرمة التصرّف والضمان.
مع أنّ الغالب أنّ تجويز التصرّف المعلوم بالفحوى دائر مع عدم تلف العين ، بل وعدم نقصه أيضا ، وأنّهم يقولون : إنّما كنّا نرضى إذا لم يتلف ولم ينقص أمّا مع أحدهما فما كنّا راضين ، والظاهر من حالهم أيضا ذلك ، فتأمّل جدّا! وممّا يدلّ على أنّ العارية عقد لا مجرّد إباحة التصرّف ، أنّ المستعير إذا تعدّى عن المأذون أو في الحفظ ـ مثلا ـ ثمّ رجع عن التعدّي لا يخرج عن الضمان بمجرّد الردّ إلى المأذون أو إلى الحفظ ، ولا يكون أيضا مستعيرا والعين عنده
__________________
(١) في التذكرة : ( وهي قد تحصل ).
(٢) كذا ، وهو موافق لما في التذكرة ، وفي مجمع الفائدة والبرهان : ( كما لو حصل ظنّه ).
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٣٦٠ ، تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ٢١١.