قوله : [ فإنّه مغرور ] ، فيجب الرجوع على الغاصب فقط ، فتأمّل (١).
لا يخفى أنّ قرار الضمان على الغاصب إذا كان مغرورا ـ على ما هو المشهور ـ ولا معنى لعدم الرجوع على من استوفى المنفعة ، فإنّ المنفعة ملك من أملاك المالك استوفاها الساكن ، فالمالك يرى أنّ ملكه استوفاه وانتفع به ويمنع منه وأتلفه الساكن ، فكيف لا يتأتّى له مطالبته بملكه وعوضه؟! بل ربّما كان الغاصب مات ، أو غاب ، أو لم يتمكّن من أخذ شيء منه ، أو يصعب عليه الأخذ ، أو يكون الأخذ من الساكن أرفق له وأسهل وأحسن ، إذ ربّما كان مال الغاصب شبهة وأمثالها ، فتأمّل جدّا!
قوله : فإنّه ما أتلف شيئا ، ولا تلف في يده عين الأجزاء ، ولا كلّ (٢) ، ولا منفعة تفوته ، ولا ضمان إلّا بثبوت شيء (٣). وإن كان العيب يتجدّد يوما فيوما ـ مثل نتن الحنطة ـ يتجدّد (٤) ضمانه أيضا كذلك ، ففي اليوم الأوّل إن كان أرشه درهما لعيبه ، ثمّ زاد العيب بحيث صار الأرش نصف درهم آخر ، وهكذا إلى أن تلف (٥) ، فيضمن التالف بقيمته (٦).
لا يخفى أنّ سبب الضمان ليس منحصرا في الإتلاف ، فإنّهم ربّما يحكمون
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٥٢٠.
(٢) كذا ، وفي المصدر : ( عين الأجزاء ، لا كلّه ولا بعضه ).
(٣) كذا ، وفي المصدر : ( إلّا بفوت شيء ).
(٤) كذا ، وفي المصدر : ( فيتجدّد ).
(٥) كذا ، وفي المصدر : ( بحيث صار الأرش نصف درهم آخر ، يضمن الدرهم ثمّ نصف درهم آخر ، وهكذا إلى أن تلف ).
(٦) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٥٢١ ـ ٥٢٢.