صفات القاضي
قوله : فيه دلالة على تجزّؤ الاجتهاد والفتوى وتجويز القضاء للمتجزّئ ، فافهم (١).
لا نزاع في أنّ العلم بجميع الأحكام ليس شرطا في الفتوى والاجتهاد ، كيف وهو من خواصّ الشارع؟! بل النزاع إنّما هو في اشتراط الاطّلاع بجميع مدارك الأحكام والقدرة على استنباطها ، ومنها التوقّف ، كما لا يخفى على المطّلع بأحوال المجتهدين الّذين لا تأمّل لأحد في اجتهادهم ، بل لا يوجد مجتهد إلّا ويتوقّف في بعض المسائل ، بل وغير واحد منها.
فعلى هذا ، لا دلالة للرواية (٢) على التجزّؤ في الاجتهاد ، بل على أنّ العالم ببعض الأحكام مجتهد ، وقوله فيه حجّة ، والمانع للتجزّؤ يمنع حصول العلم ببعض الأحكام للمتجزّئ ، إلّا أن يدّعى ظهور حصول العلم ببعضها من دون الإحاطة بجميع المدارك في ذلك الزمان ، لكن لو تمّ هذا ـ بحيث ينفع محلّ النزاع ـ يكون هو الدليل من دون مدخليّة الرواية ، إذ لا نزاع في أنّه بعد تحقّق العلم يكون حجّة وعالمه مجتهدا ، بل هذا فوق درجة الاجتهاد ، وهو فوق المجتهد ، إذ يكفي للمجتهد الظنّ ، بل النزاع إنّما هو في حصول العلم أو الظنّ المعتبر من دون الاطّلاع بجميع المدارك ، إذ يجوز أن يكون لباقي المدارك ـ كلّا أو بعضا ـ مدخليّة في الفهم ، فلو
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ ـ ٧.
(٢) أي رواية أبي خديجة سالم بن مكرم الجمّال : مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ ـ ٧ ، من لا يحضره الفقيه : ٣ ـ ٢ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ١٣ الحديث ٣٣٠٨٣.