هذا ، مضافا إلى أنّ الشرع منع من النسبة إلى الفسق بمجرّد الاحتمال ، وأمر بالتعزير (١) ، بل أمر بالبناء على الصحّة والسداد ، والحكم بالحسن ، وتكذيب السمع والبصر ما يجد إليه سبيلا (٢) ، وادّعاء الشرع وخلاف الشرع بمعنى دون معنى في مقام الاستدلال ، فيه أيضا ما فيه.
على أنّا لو لم نقل بظهوره في الظاهر ، فدعوى ظهوره فيما هو بحسب نفس الأمر ممنوع ، سيّما بعد ملاحظة ما أشير إليه.
وممّا ذكر ظهر حال السنّة أيضا ، بل لعلّه يظهر للمتتبّع أنّهم ما كانوا يطلقون لفظ الفاسق بإرادة احتمال الصدور في نفس الأمر (٣) ، بل الأخبار متواترة في عدم ضرر الاحتمال في المقام وأمثاله (٤) ، ولا يوجد خبر معارض ، بل الكلّ متّفقة ، بعضها يدلّ صريحا وبعضها ظاهرا.
سلّمنا ، لكن ورد أخبار صريحة أو ظاهرة في الاكتفاء بعدم ظهور الفسق ، مثل قوله عليهالسلام : « لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلّا شهادة الأنبياء والأوصياء ، لأنّهم [ هم ] المعصومون دون سائر الخلق ، فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد [ عليه ] بذلك شاهدان ، فهو من أهل العدالة والستر ، وشهادته مقبولة وإن كان في نفسه مذنبا » (٥).
رواه الصدوق في « أماليه » بسنده ، عن علقمة ، قال : « قلت للصادق عليهالسلام :
__________________
(١) لاحظ! الروضة البهيّة : ٩ ـ ١٦٨.
(٢) لاحظ! بحار الأنوار : ٧٢ ـ ٢١٤ الحديث ١١.
(٣) في ب ، ج : ( وفي نفس الأمر ).
(٤) وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ٣٩٣ الأحاديث ٣٤٠٣٤ و ٣٤٠٣٤ و ٣٤٠٤٣ و ٣٤٠٤٩.
(٥) وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ٣٩٥ الحديث ٣٤٠٤٤ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.