الّتي كادت تبلغ التواتر (١) ـ لو لم نقل بالتواتر ـ ظاهرها وجوب الجماعة وحضورها ، وفيه ما فيه ، ومع ذلك وقع الاختلاف في متنها ، والاختلال في دلالتها.
مضافا إلى مخالفة ظاهرها لظواهر الأخبار الكثيرة جدّا ، وظاهر طريقة الرسول وعلي ـ صلّى الله عليهما وآلهما ـ ، بل وربّما كان غيرهما من الأئمّة عليهمالسلام أيضا ، ومخالف للشريعة السمحة ، وموجب للضيق فيها والحرج وبطلان الحقوق ، لأنّ العدالة ممّا يعمّ بها البلوى ، ويكثر إليها الحاجة في الأمور الدنيويّة والأخرويّة في جميع الأوقات والأمكنة.
وما اعتبر فيها لها ممّا لا يكاد يتحقّق في كثير من الأمكنة ، بل ولا يتحقّق جزما ، وفي كثير من الأمكنة قلّ ما يتحقّق ، بل لا يوجد إلّا نادرا ، كما سيعترف به (٢) ، سيّما مع اعتبار الإيمان ، فإنّ المؤمن بعد حكاية السّقيفة إلى زمان الباقر عليهالسلام ـ بل والصادق عليهالسلام ـ كان في غاية القلّة والندرة ، وبعده كان أكثر الأمكنة خالية منه ، وفي كثير منها كان الشيعة فيها قليلين.
فيمكن الجمع بين الرواية (٣) وبين غيرها بحملها على العدل الّذي تقبل شهادته البتّة ، وعلى أيّ حال ، قوله : لهم وعليهم ، وقوله يعني كون الرجل معروفا بالعدالة بين المسلمين ، متلقّى بالقبول بينهم ، كما يشهد عليه قوله : « بين المسلمين » ، ويشير إليه قوله عليهالسلام : « لهم وعليهم » ، وقوله : « أن تعرفوه ـ إلى قوله ـ باجتناب الكبائر » ، وقوله عليهالسلام : « أن يكون ساترا لجميع عيوبه ، حتّى يحرم.
تفتيش ما وراء ذلك » ، مضافا إلى أنّه لو فتّش أحد ارتكب الحرام ، فلم يقبل قوله
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ٣٩١ الباب ٤١ من أبواب كتاب الشهادات.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ ـ ٦٧.
(٣) أي رواية عبد الله بن أبي يعفور.