لأنّا نقول : إنّ مثل هذين الشرطين شرط للوجوب ، وهو ليس مكلّفا به قطعا ، وهذه التروك ليست شروطا للوجوب ، بل للوجود أو الصحّة ، والحاصل أنّ هذه التروك لكونها شروطا مقدمات للواجب المطلق ، ومقدّمة الواجب المطلق واجب.
فإن قيل : سلّمنا أنّ التكليف متوقّف على الذكر ، ولكن اللازم منه عدم كون الناسي مكلّفا به حال النسيان ، وذلك لا ينافي تكليفه بعد التذكّر بالإعادة. ألا ترى أنّ الوضوء شرط لصحّة الصلاة ولو نسيه المصلّي يجب عليه إعادة الصلاة بعد الذكر ؛ ولذا قيّد الشارح عدم تكليف الناسي بقوله : « ابتداء ».
قلنا : لا شك أنّ الإعادة تكليف زائد يتوقّف وجوبها على دليل ، ولا دليل هناك بخلاف الوضوء.
والحاصل : أنّ الثابت من الأدلّة ليس إلّا وجوب هذه التروك ، ولا شكّ أنّه مختص بحال الذكر ، فلذا ينهى عنه ، بخلاف حال النسيان ؛ فإنّه لا تكليف حينئذ ، فلا وجوب ، والأصل صحّة الصلاة وعدم وجوب الإعادة ؛ لعدم دليل على شيء منهما ( كذا ).
قوله : صورة.
لا يخفى أنّ الفعل الكثير على ما فسّره الشارح يستلزم انمحاء صورة الصلاة مطلقا ، إذ ليس معنى انمحائها إلّا كون المصلّي بحيث لا يعد في العرف مصلّيا ، فلا وجه للتفصيل.
الفصل الثالث في كيفية الصلاة
قوله : من المقدمات.
يمكن أن يراد بالمقدّمات هنا : معناها اللغوي أي : من الآداب والسنن المتقدّمة على الصلاة. ويمكن أن يراد منها معناها العرفي أي : الشرط أو السبب ، وذلك لأنّهما شرطان لكمال الصلاة أيضا.
وقوله : « غالبا » للاحتراز عن صورة اكتفاء الجماعة الثانية بالأذان وإقامة الجماعة الاولى ، أو الداخل بين صلاة الجماعة عند بقاء الصفوف أو من يضيق الوقت عليه أو لعدم بطلانهما بما يتخلل نادرا من الكلمات الواقعة لمصلحة الصلاة ، والمراد بنحو الكلام : النوم والحدث والسكوت الطويل.