[ كتاب القضاء ]
قوله : أي : الحكم بين الناس.
تفسير القضاء بالحكم تفسير بالمعنى اللغوي على ما يظهر من المسالك وغيره. وإنّما فسره بذلك مع إطلاقه في اللغة على معان اخر أيضا كالإمضاء ، والإتمام ، والفراغ ؛ لكونه أقرب جميع المعاني إلى معناه الشرعي.
ولكن يخدشه حينئذ : أنّ المعنى اللغوي ليس هو الحكم بين الناس ، بل هو الحكم من غير قيد ، فلا يلائمه التقييد ، إلّا أن يوجّه بأن الظرف ليس قيدا للمعنى ، بل لمّا كان الكلام في قوله : « كتاب القضاء بين الناس » بقرينة المقام فقال : القضاء بين الناس هو الحكم بين الناس ، فبين الناس بيان لأمر مقدّر معلوم بقرينة المقام.
وأمّا جعله بيانا للمعنى الشرعي ، فلا يتمّ بوجه من الوجوه ؛ لتطرّق النقوض الكثيرة عليه طردا أو عكسا كالنقض بالفتوى ، وبحقوق الله ، والحكم بغير الوجه الشرعي ، وغير ذلك.
ثمّ معنى الحكم بين الناس : هو رفع النزاع الواقع بين الناس بالحكم ، فهو من باب التضمين حيث إنّ الحكم يتضمّن رفع النزاع لا محالة كما أنّ الصلح بين الناس رفع النزاع بالصلح.
ويقال للحكم بين الناس : محاكمة بينهم أيضا ؛ لأنّ المتخاصمين لرجوعهما إلى الحاكم يجعل كلّ منهما الحاكم مقام نفسه ، فهو لا محالة يحكم لأحد بإثبات وللآخر بنفي ، فكأنّه حكم هذا على هذا ، وهذا على هذا ، فيتحقق معنى المفاعلة.