أحدهما : اليمين المتوجّهة عليه أوّلا ، وهي اليمين على النفي ؛ لأنّ توجهها عليه لأجل كونه منكرا كما عرفت فيحلف.
وثانيهما : اليمين التي يردها عليه الحاكم ؛ لأجل نكول صاحبه ، وهي اليمين الإثباتية لما في يد الناكل.
ويمكن جمعهما في يمين واحدة ؛ لتحقّق نكول صاحبه قبل حلفه على النفي ، فيعلم الحاكم بأنّ عليه الحلف على النفي والإثبات معا ، فيجمعهما في يمين واحدة ، وهذه الصورة هي التي أشار إليها بقوله : « فإن كانت يمينه بعد نكول صاحبه ».
وعلى الثاني : تكون يمين الحالف قبل نكول صاحبه ، فلا يعلم الحاكم أوّلا إلّا توجه اليمين على النفي عليه ، فلا يمكنه حلفه على الإثبات أيضا ، نعم بعد إتمام حلفه وتوجّه اليمين إلى صاحبه ونكوله وردّ الحاكم اليمين عليه يعلم الحاكم بأنّ عليه اليمين على الإثبات أيضا ، فيحلّفه لأجله ، ولذا يفتقر حينئذ إلى يمين نفيية أوّلا ، وإثباتية ثانيا ، وهذا هو الذي ذكره بقوله ( قدسسره ) : « وإلّا افتقر إلى يمين اخرى ».
قوله : بما في يد صاحبه.
أي : النصف وذلك لأنّه إذا كانت في يد اثنين ولم يعلم القدر المتشبث لكلّ منهما فيه يحكم بكون ما في يد كلّ منهما نصفه كما يأتي.
ثمّ لا يخفى أنّه لكون النصف الذي في يد كلّ منهما مشاعا ليس تصريحه بذلك لترتّب فائدة على ذلك ، بل للإشارة إلى دليل الحكم وبيان الواقع ، وهو أنّه يحكم للمدعي ببيّنته فكلّ منهما مدّع بالنسبة إلى ما في يد صاحبه ، فبيّنته مثبتة لما في يد صاحبه ، فيستحقّه.
قوله : ولو خرجا
أي : لو خرج المتداعيان عن العين بأن كانت في يد ثالث ، فذو اليد منهما من صدّقه من تكون العين بيده تامّة ، وهو الثالث.
وقوله : « مع اليمين » أي : يمين ذي اليد ، وهو الذي صدقه الثالث ، وهذه اليمين إنما تكون على النفي. والظرف ليس شرطا لقوله : « فذو اليد » كما يوهمه ظاهر العبارة ؛ إذ كونه ذا اليد إنّما هو ثبت بمجرّد تصديق الثالث من غير اشتراطه بيمين ، بل هو شرط لما يشعر به بكونه ذا اليد من القضاء بها له.