قوله : كاشفة عن صحّة العقد.
صحّة العقد عبارة عن ترتّب الأثر عليه ، والمراد بالأثر هنا : الانتقال الاعم من المتزلزل أو الانتقال اللازم ، والمراد بكون الإجازة كاشفة عن صحّة العقد بأحد المعنيين :أنّ العقد حين إيقاعه صار موجبا لأحد الانتقالين ، وترتّب عليه هذا الأثر في الواقع ونفس الأمر ، ولكن لم يكن ذلك مكشوفا عندنا معلوما لنا ، فلمّا تحقّقت الإجازة علمنا بذلك وبأنّ أحد الانتقالين كان متحقّقا عند وقوع العقد ، وإن لم يتحقّق الإجازة نعلم فساد العقد أوّلا.
فإن قيل :
إن لم يتوقّف ترتّب أحد الانتقالين على الإجازة ، فيحصل العلم به عند وقوع العقد ، ولم تكن الإجازة كاشفة ، وإن توقّف عليها وكان مشروطا بها ، فلا معنى لحصول أحد الانتقالين قبل تحقّق الشرط وحصوله.
قلنا :
الإجازة شرط في ترتّب الأثر ، ويتوقّف الترتّب واقعا عليها ، ولكن لا على وجودها عند العقد ، بل على وجودها في وقت ما عند العقد [ أو ] بعده.
والحاصل : أنّه يتوقّف تأثير العقد على وجود الإجازة ، ولكن لا بمعنى أنّه يتوقّف على وجودها الفعلي حتّى أنّه متى لم توجد لم يؤثّر ، بل على وجودها ولو في وقت آخر ، فلو كان العقد في الواقع بحيث يتعقّبه الإجازة بعد مدّة يكون ناقلا وسببا تامّا ، وإن كان في الواقع بحيث لم يتعقّبه الإجازة يكون فاسدا.
وعلى هذا فإذا وقع العقد فهو لا يخلو في الواقع إمّا متعقّبا للإجازة ، أو غير متعقّب له فعلى الأوّل يكون في الواقع ناقلا من حين العقد وإن لم يعلم به. وعلى الثاني يكون فاسدا وإن لم يعلم به.
وإذا تحقّقت الإجازة علمنا أنّه كان في الواقع متعقّبا لها وصحيحا ، فمرادهم عن قولهم : « السبب الناقل هو العقد المشروط بشرائطه التي منها رضا المالك » : أنّ العقد المشروط بهذا الشرط المتضمّن لحصوله ولو في وقت ، سبب ناقل ؛ لا أنّ العقد المشروط