مقارنة القبول للإيجاب ، بخلاف المذهب المشهور ، فإنّه لا يمكن فيه هذه المقارنة ، بل لا بدّ أن يحمل التأخّر والمقارنة بناء عليه على التأخّر من الحياة والمقارنة للوفاة.
ثمّ النكتة في الإتيان بـ « الباء » في قوله : « أوفق بمذهب المصنّف » ، وب « اللام » في قوله :« والثاني للمشهور » كأنّه للإشارة إلى أنّ الثاني أيضا يوافق مذهب المصنّف ، إلّا أنّ الأوّل أوفق ، والأوّل لا يوافق مذهب المشهور أصلا. فأتى بالثاني في « اللام » ليعلم أنّ المقدّر هو الموافق ، دون الأوفق المشعر بموافقة الأوّل أيضا ؛ فإنّ متعلّق الموافق مدخول « اللام » ، ومتعلّق الأوفق مدخول « الباء » فافهم.
قوله : ومستنده رواية.
وهي رواية محمّد بن قيس عن الباقر عليهالسلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل أوصى لآخر ، والموصى له غائب ، فتوفي الذي أوصى له قبل الموصي. قال : الوصيّة لوارث الذي أوصى له ، إلّا أن يرجع في وصيته قبل موته ». (١)
ووجه كون دلالتها على المطلوب بالإطلاق : أنّ المطلوب إنّما هو كون موت الموصى له قبل القبول ، فهو مقيّد بتقدّم الموت على القبول ، والمذكور في الرواية هو مجرّد الموت من غير تقييد بكونه مقدّما على القبول أو مؤخّرا عنه ، فتكون دلالتها على المطلوب بالإطلاق.
ولكن لا يخفى أن هذا إنّما يصحّ على مذهب المصنّف حيث يقول بجواز تقدّم القبول على موت الموصي. وأمّا على المذهب المشهور ـ أي : عدم جواز تقدّم القبول على موته ـ فلا يصحّ ذلك ؛ لتصريح الرواية بتقدّم موت الموصى له على موت الموصي ، فيكون موته قبل القبول لا محالة ، فتكون دلالة الرواية على المطلوب بالتنصيص ، دون الإطلاق ؛ ولهذا قال المحقّق الشيخ علي : « إنّها نصّ في الباب ».
ويمكن أن يكون مراده من كون دلالتها بالإطلاق : أنّها مطلقة من حيث تعلّق غرض الموصي بالمورث وعدمه ، فإنّ المطلوب انتقال حق القبول إلى الوارث مطلقا سواء علم عدم تعلّق غرضه بالمورث أم لا ، ودلالة الرواية على ذلك لأجل إطلاقها ، وإلّا فيمكن أن تكون مقيّدة في الواقع بما إذا علم عدم تعلّق غرضه بالمورث.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٩ / ٣٣٤ ، مع تلخيص.