المتّبع : هو الترتيب في الوصية بأن يقدّم وصيّة على اخرى لا الترتيب في الذكر مطلقا ، وتقديم وصيّة على اخرى إنّما يتحقّق بعد تعقيب وصيّة بوصيّة غيرها ، ولا يتحقّق هنا وصية إلّا بعد تمام الكلام ، فزيد في القول المذكور وإن كان مقدّما على عمرو ولكن لم يتمّ الوصية له ، وهي إنّما تتمّ بعد قوله : « مائة » فلا ترتيب في الوصية أصلا ، بل إنّما يقع الوصية للجميع دفعة واحدة.
قوله : وبطل من كلّ وصيّة بحسابها.
أي : بعض من كلّ وصيّة بحساب هذه الوصية بمعنى : أنّه يلاحظ كلّ وصية مع غيرها من الوصايا ، وتبطل منها بقدر كانت نسبته إلى ما بطل من غيرها كنسبتها إليه ، فما كان من الوصايا نصف الوصية الاخرى يبطل منه نصف ما بطل منها ، وما كان ثلثا يبطل منه ثلث ما بطل منها ، وما كان مساويا لها يبطل منه بقدر ما بطل منها ، فإذا قال : اعطوا زيدا وعمروا وبكرا وخالدا مائة بالسوية وكان ثلثه خمسين يبطل من كلّ منهم اثنا عشر ونصف ، وإذا قال : اعطوا زيدا خمسة ، وعمروا عشرة ، وبكرا خمسة عشر ، ولا تقدّموا واحدا منهم على آخر وكان الثلث عشرين بطل من زيد نصف ما بطل من عمرو ، ومن عمرو ثلثا ما بطل من بكر ، كما أنّ الوصية لزيد نصف الوصية لعمرو ، والوصية لعمرو ثلثا الوصية لبكر.
هذا ، ولك أن تنسب الزائد من الثلث إلى مجموع الثلث والزائد ثلث المجموع ، فينقص من زيد ثلث خمسة ، ومن عمرو ثلث عشرة ، ومن بكر ثلث خمسة عشر.
ومآل هذا مع الأوّل واحد ، ولكنّه أسهل ، ويمكن تنزيل كلام الشارح عليه مع تكلّف ، فتأمّل.
قوله : واشتبه الأوّل.
أي : علم تحقّق الترتيب ونسي كيفيته.
ولا يخفى أنّ الصور المتصوّرة حينئذ ثلاث ؛ فإنّه إمّا لا يعلم كيفيّة الترتيب أصلا أي :لا يعلم شيء من الأوّل والثاني والثالث وهكذا حتّى لا يبقى إلّا واحدا ، أو يعلم الترتيب في بعض الوصايا ونسي في بعض. وحينئذ فإمّا يعلم الأوّل ، والنسيان إنما هو في غيره ،