خصوصا إذا كان المقيد في مقام التحديد ، وإعطاء الميزان يقيد مطلقهما بالمقيد. فظهر أن احتمال ثبوت كل حق آدمي ولو لغير المالي بهما لا مجال له.
ثمَّ نقول : ان المراد بالدين ليس هو الدين بالمعنى الأخص ، أعني الأمر الثابت في الذمة بعد خروج مثل الإنفاق على واجب النفقة ونحوها من الحقوق المالية الغير المستقرة في الذمة ، وكذا خروج مثل المبيع والصلح ونحو هما من أسباب الملك. فالدين مثال عن كل مال أو كل شيء يكون المقصود الأصلي منه المال ، فلا حاجة في إلحاق العين به الى الإجماع المركب ، فبطل الاحتمال الأخير الذي حكي القول به من غير واحد من القدماء. ولعلهم أرادوا أيضا بالدين ما قلنا ، أعني مطلق الحقوق المالية سواء كان دينا أو عينا أو شيئا يقصد منه أحدهما ، فتعين الاحتمال الثاني.
ثمَّ ان تميز الحق المالي عن غيره وتميز ما يقصد منه المال عن غيره لا يخلو عن غموض ، إذ لو جعلنا المدار على القصد الشخصي لزم خروج مثل دعوى الخيار الغير المقصود منه في الواقعة الشخصية يحصل المال ، ولو جعلنا المدار على القصد النوعي لزم خروج مثل النكاح مطلقا حتى ما لو كان المدعي هي الزوجة ، لأن وضع النكاح ليس لتحصيل المال وان ترتب عليه غالبا أو دائما.
ولو جعل المدار على أحد الأمرين كان أمتن ، لأن العبرة بصدق كون الدعوى في الدين بالمعنى الأعم ، فلو كان المدعى به مالا أو شيئا وضع لأجل تحصيل المال صدق أن الدعوى في الدين وان علمنا من حال المدعي أن غرضه ليس تحصيل المال.
وكذا لو كان المدعى به في خصوص الواقعة الشخصية شيئا مستتبعا للمال وكان غرض المدعي أيضا تحصيل المال كالقصاص فيما لو كان على المدعى عليه ديون مؤجلة ، صدق أيضا أن الدعوى في الدين.