كما أبداه الراوي بسؤاله الثاني ، فإن هذا الاحتمال كان قائما في مصب السؤال الأول أيضا.
ثمَّ انه حكي عن بعض شراح الإرشاد تقسيم الجميع الى قريب كما في المثال المتقدم وإلى بعيد ، كما لو شهد أحدهما بالبيع من زيد غدوة ويشهد الأخر بالبيع من عمرو عشية ، فإن الجمع بينهما ممكن على بعض الوجوه البعيدة بإمكان صدور البيعين ، بأن كان قد باع أولا من زيد ثمَّ انتقل المبيع إلى البائع ثانيا قبل العشية بسبب من الأسباب فباعه ثانيا من عمرو ، ولا بأس به إذا كان أمرا غير بعيد بحسب حال البائع.
[ لو لم يمكن الجمع بين المتعارضين ]
هذا كله مع إمكان الجمع ، وان امتنع فاما أن يتعارضان أو يتكاذبان على ما يقضي به ظاهر عبارة القواعد وتقرير الفاضل في شرحه ، فإنه قدسسره جعل التكاذب غير التعارض وجعل محل الكلام والنزاع هو الأخير ، أما الأول فحكم فيه بالتساقط.
والكلام تارة في الفرق بينهما ، وأخرى فيما حكم به من التساقط في خصوص التكاذب دون التعارض :
( أما الأول ) فالظاهر ـ على ما يستفاد من ظاهر تمثيله ـ هو أن يكون منافاة قولي البينتين على القتل في وقت وتشهد الأخرى على الحياة في ذلك الوقت ، فان العلم حاصل إجمالا بتعمد أحدهما في الكذب ، إذ القتل والحياة من الأمور الحسية التي يندر وقوع الخطأ فيها ، فلا بد حينئذ أن يكون أحدهما كاذبا في اعتقاده.
ومثله ما مثله في محكي الكشف من أن تشهد بينة على أن هذا الولد ولدته