ظهور أدلة حجية بينة المدعى في كونها علة تامة حصل من هاتين الملاحظتين تأخر رتبة بينة المنكر عن بينة المدعي ، فلا تسمع الا بعد أن لم تكن للمدعي بينة.
وبالجملة قد استفدنا من باب القضاء أن بينة المدعي بالنسبة إلى إثبات الحق على المنكر علة تامة ، وهذه الاستفادة أمر زائد على ما يقضي به عموم حجية البينة ، فإنه لا يفيد سوى كونه مقتضيا قابلا للمعارضة.
وقضية هذه الاستفادة تقديم بينة المدعي على بينة المنكر في صورة المعارضة ، لأن الدليل على حجية بينة المنكر على القول به لا يزيد مؤداه على كونها حجة مع عدم المعارضة ، كما هو الشأن في جميع أدلة الامارات ، فإنها انما تدل على حجتها الفعلية مع عدم المعارضة ، فلا يقاوم بينة المدعي التي ثبت كونها حجة مطلقا.
فان قلت : لو كان بينة المدعي حجة فعلية مطلقا ـ أي علة تامة للقضاء ـ لم يتصور تعارض البينتين في التداعي مثلا ، مع أن بطلان التالي واضح.
قلت : يمكن أن يقال انا استفدنا من أدلة القضاء كونها حجة فعلية وعلة تامة بالنسبة إلى ثبوت الحق على المنكر خاصة ، فيختص حينئذ بما إذا كان المقام من مقام المدعى والمنكر لأمن مقام التداعي ، لأنه الذي يستفاد من المأثور قولا وفعلا.
ثمَّ لا يذهب عليك أن الأدلة الفعلية ليست محتملة في الباب حتى يمنع دلالتها على المدعي الاستدلال ، فاذا حكم الصادق عليهالسلام وذكر قضية من الرسول صلىاللهعليهوآله أو من الأمير عليهالسلام في مقام الاستدلال على ذلك والاستشهاد له ، كان جميع ما في تلك القضية من الإطلاق والتقييد حجة كالقول.
مضافا الى أن سياق الروايات الحاكية عن قضايا الرسول صلّى الله عليه